الاتحاد الخليجي.. الواقع المأمول
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سعد الدوسري
لا شك أن ما تفرضه المتغيرات والمستجدات الدولية في الوقت الراهن يجعل فكرة الوحدة في مواجهة تلك التطورات المتلاحقة والمتسارعة في الساحة الدولية أمراً ملحاً وإيجابياً، إذ إن فكرة الاتحاد الخليجي لطالما راودت القادة الخليجيين، وتأخرت بسبب بعض العوائق التي تم تجاوز جزء كبير منها، ولعل مبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، خلال جولته الأخيرة على دول المنطقة، تركز على ذلك الاتحاد «الكونفيديرالي» المهم، وهو استشراف للمستقبل وقراءة من خادم الحرمين للمخاطر التي تحيط بمنطقة الخليج العربي في وقتنا الحاضر، في ظل الرغبة الإيرانية المحمومة بالتوسع في سورية والعراق، والمحاولات الفاشلة في اليمن، والمبنية على أوهام تصدير الثورة، التي مازال النظام الإيراني يحلم بها لتحقيق حلم الإمبراطورية العظمي، في ظل إهمال حياة المواطن الإيراني البسيط، والتركيز على تلك الأحلام التوسعية.
إن وجود اتحاد خليجي في النواحي الاقتصادية والمالية والعسكرية والسياسية كافة سيجعل هناك قوة اقتصادية لهذا الاتحاد، وتعطي له زخماً أكبر، وأهمية قد تتعدى أهمية الاتحاد الأوروبي، بحيث يتضح ما يمثله من قوة على كل الأصعدة، إضافة إلى الدور الاقتصادي الذي سيلعبه في ظل انخفاض أسعار النفط من تنويع في مصادر الدخل لتلك الدول، وعدم الاعتماد في المقام الأول على النفط، وزيادة حجم التبادل التجاري، وسهولة في تنقل السلع والبضائع من دون عوائق، على كل الأصعدة لتلك الدول، وتبادل الخبرات العسكرية وتوافق المواقف والأدوار السياسية، وسيعزز المواقف تجاه قضايا المنطقة ووحدة المصير، والمواجهة في شكل أقوى وأكبر للتغلغل الإيراني، الذي يحاول تفتيت أواصر دول الخليج والدول العربية، إذ إنه صراع قوميات وصراع هوية في المقام الأول؛ رغبة في إثبات الهوية الفارسية وتعزيز حلمها بالسيطرة، في ظل مسانده غريبة روسية تنهج منهج إيران، بالتدخل في قضايا ليست من اختصاصها، ويظلله دور أميركي مبهم في رؤيته وأهدافه وتصوره. وفي ظل فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب قد يغلَّف الموقف الأميركي بضبابية وحذر أحياناً، ومساندة للدور الروسي بطريقه غير مباشرة، ولكنها محسوسة في شكل أو بآخر، وبخاصة في سورية والعراق، فكل المتغيرات على الساحة الدولية وتغير موازين القوى يفرض على خليجنا تعزيز وترسيخ فكرة الاتحاد الخليجي على كل الأصعدة، وبلورة الفكرة بطريقة أكثر جدية لمواجهة كم الفوضى الخلاقة التي أصبحت واقعاً يفرض نفسه على واقعنا العربي.