جريدة الجرائد

مارين لوبان تختار الأسد حلاً مطمئناً لفرنسا أكثر من تنظيم «الدولة» والحريري ينبّه من خطأ الخلط الطائش بين المسلمين والإرهاب

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

سعد الياس

أكثر من إشارة أطلقتها المرشحة للرئاسة الفرنسية مارين لوبان خلال محادثاتها في بيروت التي اكتسبت أهمية لافتة، وبدت لوبان شبه واثقة من انتخابها في أيار/مايو المقبل آملة في استقبال الرئيس اللبناني العماد ميشال عون الذي تتابع مسيرته الشجاعة.
غير أن الموقف السياسي الأبرز للمرشحة الفرنسية أعلنته بعد لقائها رئيس الحكومة سعد الحريري حيث جرى البحث في الأزمة السورية وفي محاربة الإرهاب. وقالت لوبان بعد الزيارة: «تباحثنا في الأزمة السورية، وقد عبّر كل منا عن موقفه تجاهها، وتبادلنا وجهات النظر حول عدة نقاط، وكانت لنا تحليلات مشتركة ولا سيما حول الضرورة القصوى لوضع كل الدول التي تسعى إلى محاربة التطرف الإسلامي حول طاولة واحدة، وتحديداً تنظيم «داعش» الذي يتوسع بشكل كبير في العديد من الدول، بما فيها فرنسا ويقوم بتجنيد العديد من الأشخاص في الكثير من الدول ايضاً، ولا سيما في المدن الفرنسية، وهذا التطرف الإسلامي ما زال يحوز على الأهمية والدعم في فرنسا».
وأضافت: «بالتأكيد، هناك بعض الاختلاف في وجهات النظر، ولكن هذا لا يدعو إلى الاستغراب نظراً للوضع الجغرافي لبلدينا، وأوضحت للرئيس الحريري موقفي حيال الأزمة السورية والذي عبرت عنه منذ بدء هذه الازمة، وهو أنه لا يوجد أي حل قابل للحياة ومعقول خارج الاختيار ما بين الثنائي بشار الأسد من جهة والدولة الإسلامية من جهة أخرى. وقد قلت بشكل واضح أنه في إطار السياسة الأقل ضرراً والأكثر واقعية، أرى أن بشار الأسد يشكل اليوم حلاً يدعو إلى الإطمئنان أكثر بالنسبة إلى فرنسا من الدولة الإسلامية، إذا تسلّم هذا التنظيم الحكم في سوريا، مثلما حصل في ليبيا حيث تسلم الحكم بشكل جزئي بعد غياب القذافي».
وأكد الرئيس الحريري «أن المسلمين هم أول ضحايا الإرهاب المتستر بلباس الدين بينما هو في الواقع لا دين له، وأن المسلمين المعتدلين الذي يشكلون الغالبية الساحقة من المسلمين في العالم، هم أول هدف للإرهاب المتطرف باسم الدين، لأنهم في الواقع أول المواجهين له».
وقال: «إن الخطأ الأكبر في مقاربة هذا الموضوع هو الخلط الطائش الذي نشهده في بعض وسائل الإعلام والخطابات بين الإسلام والمسلمين من جهة وبين الإرهاب من جهة ثانية».
وأكد الحريري «أن اللبنانيين والعرب كما بقية شعوب العالم ينظرون إلى فرنسا على أنها بلد المنبع لحقوق الإنسان وفكرة الدولة التي تساوي بين جميع أبنائها من دون أي تمييز عرقي أو ديني أو طبقي».
وأضاف: «إن لبنان الذي لا يتجاوز عدد سكانه الاربعة ملايين نسمة بات يستقبل على أراضيه قرابة مليوني لاجئ سوري وفلسطيني، وهو الأمر الذي يعرّض اقتصاده وبناه التحتية لضغط غير مسبوق، وهو الأمر الذي تعمل الحكومة اللبنانية على وضع خطة متكاملة لمواجهة أعبائه، لمطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته كاملة في هذا المجال».
وكان الرئيس ميشال عون التقى المرشحة للانتخابات الرئاسية الفرنسية وشدّد خلال اللقاء على عمق العلاقات اللبنانية ـ الفرنسية، متمنياً «ان تشهد في الآتي من الايام المزيد من التجذر بالنظر إلى القيم المشتركة التي تجمع بين الشعبين اللبناني والفرنسي».
أما لوبان التي رافقها النائب الفرنسي وعدد من معاونيها فرأت «ان انتخاب العماد ميشال عون يشكل بداية مرحلة استقرار وازدهار وتجدد للبنان»، متمنية «ان تشهد العلاقات اللبنانية ـ الفرنسية ريعان شباب ثانياً من خلال الفرنكوفونية».
وقالت: «آثرنا معاً الصداقة العميقة والمثمرة التي تربط بلدينا، وتباحثنا في الامور المشتركة التي تشغل بالنا نتيجة أزمة اللاجئين ذات الوطأة الشديدة بالنسبة إلى لبنان، وهي تحمله أعباء كبرى يتمكن بشجاعته وكرمه من آن يتخطاها. لكن من البديهي ان هذه الازمة لا يمكن ان تستمر إلى ما شاء الله بالنظر إلى عواقبها الجسيمة التي تطاول الاقتصاد ونظام الصحة ومختلف أوجه العناية بهذا العدد الهائل من النازحين».
وأضافت: «لقد ناقشت مع فخامة الرئيس ايضاً مسألة نمو التطرف الإسلامي التي تثير قلقاً اساسياً، وسبل مواجهته، إلى ضرورة التعاون في هذا الاطار بين مختلف الدول الواعية لهذا الخطر. وان لبنان وفرنسا، نظراً إلى تاريخهما المشترك، يجب أن يشكلا الحجر الاساس في تنظيم النضال ضد هذا التطرف».
واختتمت بالقول: «كما سرني أن أعرض للرئيس عون المعنى العميق للنضال السياسي الذي أقوم به من أجل الحرية والسيادة، وهو نضال يتلاقى صداه مع نضال لبنان التاريخي من أجل أن يحافظ بنفسه على حريته وسيادته وهويته وجذوره وخصوصيته. وقد تمنى لي الرئيس عون حظاً موفقاً في الانتخابات الرئاسية، وإنني آمل ان تتسنى لي الفرصة في أن أستقبله شخصياً في زيارة رسمية بعد انتخابي في شهر أيار المقبل. وسيشكل الامر بالنسبة الي شرفاً كبيراً، فنحن نتابع مسيرة الرئيس عون الشجاعة منذ سنوات عدة، وقد شكّل انتخابه بالنسبة الينا خبراً رائعاً، كما بالنسبة إلى لبنان، فاتحاً بذلك مرحلة استقرار وازدهار وتجدد للبلد على ما أتمناه».
الى ذلك، التقت المرشحة الفرنسية النواب: فؤاد السعد وميشال موسى وعاطف مجدلاني وآلان عون في ساحة النجمة وعرضت معهم للأوضاع. وفي برنامجها لقاءات مع وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
وكانت لوبان التي تعقد مؤتمراً صحافياً اليوم زارت مدينة جبيل وشكرت رئيس بلديتها زياد حواط على الاستقبال، فيما أشاد رئيس حزب السلام روجيه إده بالسيدة لوبان التي «تمثل بالنسبة الينا فرنسا الوطنية السيادية الملتزمة منذ ألف عام بلبنان أولاً نواة الكيان وعندما أصبح لبنان الكبير».
ورأى ان «أهم ما في هذه الزيارة أنها تُستقبل من القيادات السياسية والروحية المسيحية والإسلامية على أعلى المستويات في حين انه في فرنسا تخاض عليها معركة تصنيفها عدوة للمسلمين وليس من كذب وافتراء أكثر من ذلك».

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف