جريدة الجرائد

بين الدولة المدنية والدينية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

 شملان يوسف العيسى 

 عاد الصراع في الكويت بين قوى الإسلام السياسي والتيار المدني الذي يمثله التيار القومي والوطني واليساري والليبرالي، وسبب الصراع يعود إلى تقديم النائب الإسلامي محمد هايف المطيري اقتراحًا بتعديل المادة 79 من الدستور التي تنص على أنه «لا يصدر قانون إلا إذا أقره مجلس الأمة وصدَّق عليه الأمير»، وتحاول جماعة الإسلام السياسي إضافة عبارة «عدم جواز إصدار أي تشريع ما لم يكن متوافقًا مع الشريعة».


هذه المادة تحديدًا تقدَّم بها نواب مجلس الأمة عام 2012، ورفض الأمير التعديل.
السؤال: لماذا يعيد 25 نائبًا المحاولة رغم علمهم أنها سترفض وأنها لن تتخطى الإجراءات الواجب اتباعها لتعديل الدستور؟!
هنالك أسباب كثيرة تدفع بنواب الإسلام السياسي وأنصارهم في مجلس الأمة إلى محاولة تغيير طبيعة الدولة من دولة مدنية يحكمها الدستور والقانون إلى دولة دينية يحكمها رجال الدين ومنظورهم الخاص للشريعة الإسلامية.
أحد الأسباب الرئيسية عدم إيمان جماعات الإسلام السياسي بالديمقراطية، لأن الديمقراطية الحقيقية تضع حدًا لتدخلات رجال الدين، لأنها تؤمن إيمانًا مطلقًا بحرية العقيدة لكل طوائف المجتمع، دون أي تفرقة، حسب الجنس أو الدين أو اللون أو الجنسية.
هؤلاء النواب يحاولون خداع الناس البسطاء بأن قيام الدولة الدينية هو الملاذ الآمن لتحقيق مطالبهم... كل همّ هذه الجماعات الإسلامية هو خَلْق فتن طائفية حتى يكسبوا أصوات الأغلبية إلى جانبهم، لكي يُعادَ انتخابهم.
إصرار محمد هايف وجماعات الإسلام السياسي على إضافة الشريعة الإسلامية للدستور هي محاولة جادة لإجهاض الديمقراطية الوليدة في الكويت... بل إن قبول فكرة الدولة الإسلامية سيحول مؤسسات الدولة لخدمة الجماعات الإسلامية، ويدخل الدين عمليًا وفعليًا في خدمة هذا الفريق «الحزب» أو ذلك، سعيًا للوصول إلى السلطة.
مهمة الدين هي الحفاظ على العقيدة والعبادات ومكارم الأخلاق وغيرها. هذه الأمور كلها لا علاقة لها بالدولة... كلها مرتبطة بشخصية الفرد المسلم وعلاقته بربه وخالقه.
الدولة - أي دولة في العالم - مهمتها الرئيسية الحفاظ على مصلحة الدولة وشعبها، والتأكد من أن الأمن والاستقرار يسودان البلاد من خلال دولة الدستور والقانون والحكم بالعدل والمساواة.
كنا نتمنى من النواب الذين طالبوا بتغيير الدستور والدولة المدنية أن يزودونا بالبرنامج السياسي لإدارة الحكم، أو إعطاءنا نموذجًا واحدًا لنجاح الدولة الدينية.
هل حكم الملالي في إيران يعتبر نموذجًا إسلاميًا ناجحًا؟ وهل حكم طالبان في أفغانستان نموذج لدولة ناجحة؟ ماذا عن حكم الدولة الإسلامية المزعومة في العراق وسوريا بقيادة أبو بكر البغدادي؛ هل هي النموذج الإسلامي الذي يطمحون إليه؟!
كيف يمكن لإنسان عاقل أن يعيش في عصرين مختلفين ومتباعدين؛ عصر الدولة المدنية والحداثة والتطور العلمي، والمطالبة، في الوقت نفسه، بدولة دينية؟! نحن نعي تمامًا أنه لا يمكن العودة بعجلة التاريخ إلى ما قبل 1400، وأن التغيرات التي حدثت على امتداد التاريخ قابلة للرد والعودة بالزمن... هم يتوهمون أنه يمكن العودة إلى عصر الخلافة الراشدة، وإذا لم يستطيعوا فإنهم يكتفون بالعودة إلى الجانب الأخلاقي لذلك الزمن.
الدكتور أحمد الخطيب المعارض الكويتي المخضرم كان محقًا، عندما صرح بأن التيار الديني له كلمتان؛ يقسم على الدستور ثم يطالب بإلغاء الدستور والعمل خارج إطاره، وحين «ينقرص» يطالب باحترام الدستور.. .  

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف