شعب مدبوغ الجلد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
فاتح عبد السلام
عملياً وفعلياً ، وبغض النظر عن الأسباب والأشخاص والمواقف ، فقد خضع العراق لحالة الحرب بصورة متصلة دامت سبعاً وثلاثين سنة ، ابتدأت بالحرب العراقية الايرانية عام 1980 وحتى اللحظة ، وبأفق مفتوح لاحد له ، و لم يحصل هذا لأي بلد بالعالم في العصر الحديث .
الحرب العالمية الأولى كانت مدتها أربع سنوات وانتهت عام 1918 والحرب العالمية الثانية كانت اقل من خمس سنوات وانتهت 1945 ، وحرب فيتنام دامت عشرين سنة وانتهت في عام 1975 ، والحرب الهندو صينية استمرت ثماني سنوات وخمدت سنة 1954 ، والحروب الهندية الباكستانية مجتمعة لم تدم سوى أقل من خمس سنوات، وحرب الفوكلاند بين بريطانيا والارجنتين استغرقت شهرين وثمانية عشر يوماً وانتهت في حزيران 1982، وحرب تركيا واليونان بسبب قبرص دامت أربعة أشهر وانتهت عام 1974 ،
وحروب اليمن الست وحربها الاخيرة لم تتجاوز السبع سنين ، وحرب سوريا الحالية قضت ست سنوات ومهما ساءت الاوضاع لايعقل أن تستمر ثلاثين سنة مقبلة، وحتى حروب العرب من اجل فلسطين والمقدسات والقدس كانت بضع أيام في نهاية الاربعينات وستة أيام سنة1967 واياما معدودة سنة 1973 وبعدها
لم تحدث حروب كبيرة باستثناء حرب بيروت 1982 وحرب 2006 وسواها القليل والقصير.
كل الدول العربية تعايشت مع الوضع علناً أو سراً ، وتطبعت العلاقات وقامت اتفاقيات سلام دائم بين الاردن ومصر وبين اسرائيل ، إلا العراق كان خارج الحسابات والمتداول فوق الطاولات وتحتها لشتى الاسباب .
كلها كانت حروباً ثنائية تقريباً باستثناء الحربين العالميتين ، وبعدها عادت الدول والشعوب للعمل والبناء والتنمية والتعايش ، ولم يعان شعب خاض حرباً واحدة من حروب قرن كامل من حصار دولي شامل ، إلا شعب العراق . وجرى معاملة شعبه كمعاملة النظام السياسي الذي يحكمه ويقود حروبه ،ولا يزال الحال هكذا وبدرجات متفاوتة .
متى يشعر العراقيون انهم غادروا أجواء الحروب والحصارات الداخلية والخارجية الى الأبد ، ليتجهوا نحو اهتمامات أخرى في الابداع والابتكار والرفاهية التي ينعم بها العالم ، حتى الجزء الفقير منه .
لكن حقيقة وضع العراق الغارق بالحروب وتداعياتها واجوائها ، هي الأجدر في المعاينة من أية دولة تريد خوض مزيد من الحروب على ارض العراق ، لأن الشعب مدبوغ جلده بالحروب ولم يعد يملك ما يخسره ، لذلك من الافضل ان ينزل العالم بثقله من اجل احلال السلام في العراق وافهام كل الاطراف السياسية بالعصا والجزرة ان لا خيار سوى التفاهم والتعايش والسلام ، ولترجع كل المسروقات الى أصحابها ، أموالاً وأرضاً وثروات ، قبل فوات الأوان .
رئيس التحرير
التعليقات
اتفق معك
Wahda -ولكن على من يقع اللوم ؟ على الشعب أم على الحكومات أم على دول الجوار أم على الدول الكبرى؟ اعتقد على الشعب لان الشعوب هي التي تصنع تاريخها ومستقبلها.