العالم الخارجي للمرأة العربية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سهير السمان
ينقسم النظام الاجتماعي في العالم العربي بحسب البيئة والمكان المحيط بأفراده إلى عالمين، خارجي متسلط ويمثله الذكور، وداخلي خاضع تمثله النساء والأطفال، وبحسب هذا التقسيم المتعارف عليه اجتماعيا وسياسيا وثقافيا، يصبح خروج المرأة للعالم الخارجي اقتحاما وتدخلا غير مرغوب فيه من العالم الذكوري، حتى وإن فرضت نفسها، تبقى في حالة صراع ودفاع عن وجودها الجديد،
وإن وجدت من يتقبل ذلك يكون على قدر من الضآلة والحذر. فعالم الرجال تتوافر لهم الجنسية الأخرى خارج البيت، السلطة والسياسة والدين. وحسب الأيديولوجيا المتعارف عليها فإن النساء يتعرضن للمضايقات من قبل الرجال لأنهن اخترقن أماكنهن المحددة لهن لأماكن محرمة عليهن، خصوصا إن اختارت المرأة الشكل الخاص بها في الاختلاط الاجتماعي خارج المنزل، ولكن يظهر سؤال مهم هنا، لماذا المرأة هي الطرف الذي يجب عليه الاحتجاب للحفاظ على البنية الاجتماعية؟ ولماذا يكون الرجل هو الطرف الأضعف في مواجهة هذه المرأة؟ هل لأنه لا يرى فيها سوى ذلك المتاع الذي يستخدمه كبقية أمتعة الحياة؟ وسؤال آخر هنا، ما الذي يخاف منه الرجل من هذه المرأة التي توصم بالضعف ونقصان العقل؟
جواب واحد فقط يسيطر على هذه الأسئلة، هو أن المرأة تعد الجانب الذي يجب أن يكون خلف الأسوار وفي الظل، فلا سلطة أبوية إن هي استطاعت أن تخترق الحواجز، وبالتالي لا سلطة دينية ولا سياسية تتحكم بالشعوب.
المرأة هي المربية، وهي التي تقود الأسرة، وتربي الأجيال، فإن تحررت من السيطرة تحرر المجتمع.
ومن الناحية الاقتصادية المتعارف عليه أن المرأة لا يجب أن تكون صاحبة قوة اقتصادية وكفاية مادية تؤهلها لأن تستقل بذاتها، فهي تابعة للرجل، فهو من يصرف عليها بحيث تعتبر مستهلكة. وإن كانت في كثير من البيئات العربية تنتج داخل المنزل، وفي الحقل، وتسهم بشكل كبير في التعزيز المادي لسد احتياجات الأسرة، لكنه لا يُنظر إليها على أنها تعد من أساسيات دعائم الأسرة، ودعامة لاستمرار رفع الوضع الاقتصادي لها. وعندما استطاعت المرأة في البلدان العربية أن تنال قسطا من التعليم يؤهلها أن تستقل ماديا عن الرجل، ينظر إليها وكأنها فرع لا أصل في ذلك البناء المعهود للرجل، وتبقى أسيرة النظرة الدونية.
الهوية الأساسية التي ترتكز عليها بنيتنا الاجتماعية “الهوية الجنسية”، حيث إن الرجل في نظرتنا التقليدية هو المسيطر جنسيا على أسرته والمتحكم بتصرفاتهن وتنقلاتهن، إلى جانب قوته الاقتصادية، فالمال والجنس ارتبطا ارتباطا وثيقا في تحديد هوية الرجل والمرأة في مجتمعاتنا العربية.
وفي ظل التطورات الاجتماعية المدنية تتغير الحدود المكانية التقليدية للجنسين، فينشأ الصراع الذي لا بد منه في مجتمعنا، والذي لم يتأهل بعد لهذه التغيرات الطبيعية التي يجب أن يتفهمها على النحو المطلوب، وهنا تبرز أسئلة أكثر صعوبة.. هل المرأة مؤهلة لهذه التغيرات في البنية الاجتماعية، أم أنها تنادي فقط بحقوق لا يستطيع فكرها الذي تعود على الصورة النمطية المعهودة، والذي شكل نفسيتها لأن تستجيب لهذا الواقع الجديد؟ سؤال يحدد أولا: متى تكون قابلية النساء العربيات لهذا التغيير فاعلا؟
وهو الذي يجب أن يبدأ مبكرا، في مرحلة التربية الأولى. التربية الجذرية التي يتم من خلالها إعادة صياغة المفاهيم المجتمعية والعلاقات بين أفراد الأسرة من ذكور وإناث، وبالتالي العلاقات المجتمعية التي تنشأ خارج إطار المنزل.