جريدة الجرائد

المختارة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

 سمير عطا الله

 أراد وليد جنبلاط أن يجعل من ذكرى مرور أربعين عاماً على مقتل كمال جنبلاط عرضاً للبقائية والاستمرارية في أقدم زعامة لبنانية. ألبسَ ابنه البكر الكوفية الفلسطينية، ناقلاً الزعامة إليه، لكي يشدد على البعد العربي للإرث العائلي، وعلى المدى العربي للدروز، الذين تزعّموا في عشرينات القرن الماضي، الثورة ضد الاستعمار الفرنسي، التي بدأها سلطان باشا الأطرش في السويداء. جبل العرب، الذي سوف يُعرف باسم جبل الدروز.


تدافع نحو 70 ألف شخص إلى بلدة المختارة، مقر القصر الجنبلاطي، ليبايعوا الوريث الجديد. كان هذا الحشد الهائل رسالة غير مكتوبة، في جملة الرسائل السياسية، ذات اليمين وذات اليسار، نحو الخصوم ونحو الحلفاء، نحو الداخل وحيال العرب. ومن عادة وليد جنبلاط أنه يصوغ الرسائل متقطعة ومليئة بعلامات الاستفهام، لكن الخطاب المكتوب الذي ألقاه، كُتب بوضوح وصفاء، في لحظة تاريخية التقى فيها الحاضر بالماضي على شرفة المستقبل.
وعندما سئل تيمور جنبلاط رأيه في الوضع، أجاب بكلمة واحدة: صعب! لكن جنبلاط تمنى لابنه، وللبنانيين، حالة أفضل من التي عاشها، وعاشها اللبنانيون، يوم ورث الزعامة من أب مسجّى تحت الرقم واحد في سلسلة طويلة من الشهداء، وتجربة مريعة من الحروب والمرارة والقساوات والانقسامات.
تحت راية الاشتراكية، حافظ كمال جنبلاط، ومن بعده وحيده، على الطائفة الدرزية في منطقة يقع فالق الزلازل فيها عند المفترقات الدينية. وبدل أن يتركها جزءاً من كل، حرص على تقدم المسلمين والعروبة في القضايا، خصوصاً فلسطين. والحرص على «الكوفية» الفلسطينية بدل علم لبنان، أو شعار الاشتراكية، تشديد آخر على السيرة والمسيرة معاً. ترفض المختارة صفة الأقلية على الدروز. وتعتبر نفسها امتداداً لهم في كل مكان. وهكذا يرونها هم أيضاً.
كان «أبو السعود» كبير مرافقي الرئيس ياسر عرفات حتى وفاته، شهيداً شهيداً شهيداً. وبعد عودة أبو عمار إلى رام الله، بدأ مساعدوه في ترتيب إقامتهم في أرض غابوا عنها عقوداً طويلة. وروى لي «أبو السعود» أنه سمع عن مشروع سكني مناسب، فذهب إلى الرجل المسؤول عنه، وكان درزياً. فعرض «أبو السعود» حاجته إلى منزل من ثلاثة أدوار. فقال المسؤول: «يستحيل علي أن أخالف القانون. ولا تحاول أن تأتي بوساطة عرفات، فالقانون هنا لا يغيره شيء».
ومد «أبو السعود» إلى الرجل معاملة شبه منتهية قائلاً: «سوف توقعها قبل أن أعود إلى العشرة، لأنني سأحلفك على رحمة كمال جنبلاط». وخطف الرجل المعاملة وقبلها، ثم وقعها.. .  

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف