جريدة الجرائد

علاقات أردنية - سعودية متينة ونموذجية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عماد عبدالرحمن

لا تقاس متانة وعمق العلاقات بين الدول في هذه الايام، الا بحجم التعاون والتبادل التجاري والاقتصادي والاستثماري، ومظلتها الرئيسة المتمثلة بالعلاقات السياسية والاجتماعية التي تربط بين الدول، فالبناء وتشبيك المصالح والمصير والمستقبل، خير سبيل للنهوض بواقع امتنا العربية.

أستحضر هذا المدخل، للحديث عن العلاقات الاردنية–السعودية التاريخية والاستثنائية، التي تتقدم وتتعمق ولا تتأخر، فهي صنيعة أيادٍ بيضاء تدرك صعوبة ودقة الظرف، فاختارت البناء على المنجز الموروث، والسعي لمأسسة هذه العلاقة عبر صناديق استثمارية ينتظرها مستقبل واعد للبلدين الشقيقين، مستفيدين لما للمملكتين الشقيقتين من امكانيات ومكانة وسمعة وحكمة، تؤهلهما لتكامل استراتيجي، وتقديم نموذج فريد في التعاون العربي –العربي.

اليوم، ونحن ننتظر زيارة هامة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بين عبد العزيز للأردن، لا بد من جردة وَوِقْفة لواقع وآفاق علاقة البلدين مستقبلا، فالمملكة السعودية لم تتوان يوما عن دعم الاردن، فطالما اعتبرتها «خط أحمر « وأكثر، وهناك تقدير سعودي عالي لدور الاردن في تحمل اعباء اللاجئين السوريين، وحفظ الامن والاستقرار في المنطقة الى جانب اشقائه العرب، فكانت الرؤية السعودية داعمة للاقتصاد الاردني عبر صندوق استثماري مشترك واعد، جاء بعد لقاء هام في العام الماضي، جمع جلالة الملك عبدالله الثاني بسمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي ولي العهد السعودي، في العقبة.

المملكة العربية السعودية تعد الشريك التجاري الاول مع الاردن، اذ تبلغ قيمة مستورداتنا من السعودية 4،4 مليار سنويا، كما بلغت قيمة صادراتنا اليها حوالي مليار دولار سنويا، فيما استثمر السعوديون في المملكة حوالي 10 مليارات دولار، وهي استثمارات ناجحة ومثمرة، في قطاعات النقل والطاقة والسوق المالي والسياحة والبنى التحتية.

هذه الارقام، لم تأت من فراغ وهي مؤهلة للزيادة في ظل انشاء مجلس التنسيق المشترك، وإقرار الصندوق الاستثماري الاردني – السعودي، الذي يأتي استجابة للهمّ الاقتصادي الاردني، ولخلق فرص عمل جديدة واستثمارات صناعية وتجارية وسياحية كبرى يحتاجها الاقتصاد الاردني في ظل الظروف الحالية الصعبة، وبما يقلل من نسبة الفقر والبطالة في الاردن، وهذا التعاون ليس الاول من نوعه بين البلدين الشقيقين، فقد قدمت المملكة العربية السعودية الدعم للأردن عبر المنحة الخليجية التي امتدت إلى خمس سنوات، الى جانب الدعم السعودي اللامحدود لمنح الاردن مكانة متميزة ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي.

الاردنيون والسعوديون، يدركون اهمية العمق العربي والانفتاح الاقتصادي مع الاقليم العربي، كمدخل للتكامل الاقتصادي العربي المنشود، الذي يخدم في جملة ما يخدم اهداف وأمن المنطقة العربية ورخائها الاقتصادي واستقرارها الاجتماعي ورفاه شعوبها، من هنا، جاء الادراك للمتغيرات السياسية والاقتصادية بالمنطقة، وضرورات حفظ توازنها، فكان العمل على مأسسة وتدعيم العلاقات، خصوصا وان النمو ينعكس على الشعبين الشقيقين بالدرجة الاولى.

جملة القول، ان مستقبل المملكتين الشقيقتين اللتان كرستا نموذجا يحتذى في خدمة الشعبين، واستجابة لتطلعاتهما في تعزيز التواصل والمشاركة وتحمل المسؤولية، بعيدا عن العنف والارهاب، وقدمتا تجربتين ناجحتين لبلدين يواجهان تحديات وأطماعا اقليمية جمة، يسعيان لاقتناص الفرصة لتعزيز التعاون فيما بينهما ومع محيطهما العربي، وتحسين اقتصادهما وسط ظروف وتحديات اقليمية ودولية معقدة.

هذا النجاح، اضحى محط أنظار العديد من المراقبين السياسيين والاقتصاديين في الاقليم وفي العالم، وشجعا دولا عربية اخرى بالاستفادة من هذه التجربة ومحاكاتها والانخراط فيها، آخذين بعين الاعتبار ان بناء اسس تعاون وتكامل اقتصادي، هو الاساس في تعزيز العلاقات بين الشعوب، وتعزيز مكتسباتها الاقتصادية، فالمستقبل يوحي بتعاون وثيق ومشاريع كبرى تربط بين البلدين وما حولهما، مستندين الى أنظمة سياسية ذات رؤية واقعية ودقيقة لمجريات التطورات في الاقليم والعالم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف