الحرب اللبنانية مستمرة... إلاّ إذا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عقل العويط
هل انتهت الحرب؟ في رأيي المتواضع: لا. لم تنته. ولن تنتهي، لأن اللاوعي اللبناني الجمعي، مدعوماً بالوعي الجمعي "المستسلم"، لا يريدان لها أن تنتهي. في الذكرى السنوية الثانية والأربعين لبدء الحرب في 13 نيسان، أرى ضرورة إعادة تذكير اللبنانيين بأن الجردة الأولية السريعة لطبيعة السلطة القائمة، ومكوّناتها، وأطرافها، تثبت بما لا يرقى إليه جدل، أن الذين صنعوا الحرب، وشاركوا فيها، ودمّروا مؤسسات الدولة، ونهبوا خيراتها، وعمّموا ثقافة الفساد والإفساد، هم أنفسهم، أو ورثتهم، يديرون السلطة، ويزعمون أنهم "صنّاع السلام"، ويوهمون الناس بأنهم صالحون لصناعة هذا السلام.
المشكلة خطيرة بالطبع، لأن أهل الحرب – السلطة "بلا دم"، فاجرون، و"طالع بإيدهن"، ولأن اللبنانيين "بلا دم" أيضاً، وقابلون بهذا الواقع، ومستسلمون له.
لا يجوز التعميم. لأن العلامات "المضادة"، أقصد علامات الرفض والتمرد والبحث عن سبل التخلص من الطبقة السياسية الفاسدة، موجودة، لكنها غير كافية.
إذا كان هذا الوصف سليماً، فكيف يمكن أن ننتهي من هذه الطبقة الحربية، ونرى نهاية قريبة للحرب؟
مستحيل ظاهراً، وعاجلاً. لكني أريد أن أكون "إيجابياً" من أجل المساهمة الرمزية والفعلية في الخروج من الحرب، وفي رفع يد المتحاربين عن لبنان، والحؤول ديموقراطياً دون استمرارهم في السلطة. وعليه، أقترح أن تلتقي القوى المدنية البديلة، وتضع رؤية مشتركة، وتتوحد في ما بينها، تقنياً، وآلية تنفيذية لتجسيد هذه الرؤية، وخصوصاً في الاستحقاقات الوطنية الكبرى المقبلة.
الفوز الذي أحرزه نقيب "المدنيين" المهندس جاد تابت هو علامة ضوئية، تؤشر إلى الأمل بإمكان إحداث خرقٍ نوعي في بنى السلطة، ومؤسساتها العامة والخاصة.
"أكلة الجبنة"، وإن كانوا متوحّدين، لا يمكنهم إلاّ أن يتناتشوا الحصص. خلال ذلك، تظهر نقاط الخلل والوهن والارتباك والضعف في جسمهم السلطوي.
مسؤولية "حرّاس" الديموقراطية والحرية ومشاريع التغيير، أن يوائموا بين رؤيتهم المشتركة، وتعيين هذه النقاط، لمواجهة أهل السلطة في عقر دارهم، وفي هذه المواقع بالذات، وحيث تدعو الحاجة والضرورة والظروف الموضوعية.
هذا يتطلّب استشرافاً بعيد النظر، ووعياً نوعياً نادراً، وذكاءً سياسياً قادراً على رسم خريطة المواجهة، وعلى كيفية تطبيق المواجهة، مثلما يتطلّب زهداً ذاتياً، وترفّعاً أخلاقياً، ومرونةً عملانيةً في التعاطي مع مكوّنات التغيير الموجودة "على الأرض".
أذكّر هؤلاء "الحرّاس"، حرّاس التغيير، بأن جيلاً طليعياً جديداً شاباً يطالبهم بالإنصات إلى المستقبل، وبالتواضع، وبإفساح المجال، وبتوسيع المكان لهم، لتحقيق التفاعل بين أجيال التغييريين.
... وإلاّ فإن الحرب ستظلّ مستمرة، وسيظلّ أهل الحرب والفساد هؤلاء يديرون اللعبة ويضحكون علينا!