جريدة الجرائد

أضعف الإيمان - ضربة التفاوض الأميركية في الشعيرات

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

داود الشريان

الغارة الأميركية على مطار الشعيرات بداية لحل سياسي جديد في سورية. الضربة لن توقف الحرب على السوريين، لكنها ستضع حداً لتمادي روسيا وإيران في القتل والتهجير. الإدارة الأميركية الجديدة تريد وقف الحل العسكري الذي ينتهجه بوتين وحلفاؤه، والاتفاق على خطة سياسية استراتيجية تقوم على أسس مختلفة عن السابق. واشنطن ليست في وارد الدخول في حرب على الساحة السورية، فضلاً عن الوجود العسكري على طريقتها في العراق. وهي تدرك أن لروسيا مصالح في سورية، ومستعدة للتفاهم حولها.

روسيا وجدت في الغارة الأميركية مخرجاً محتملاً لورطتها في سورية، والتي بدأت آثارها تظهر على أمنها الداخلي، فضلاً عن أن تغوُّل الجيش الروسي والميليشيات الإيرانية في القتل، أفضى إلى تحويل سورية ساحة جاذبة للعنف والجماعات المتطرفة. الضربة الأميركية أوجدت ظروفاً من شأنها إنقاذ روسيا من ويلات الحرب السورية، وموسكو باتت مستعدة للجلوس إلى طاولة التفاهم مع واشنطن، لكنها تبحث عن ضمانات أميركية تسمح بحماية هيبتها، وبقاء قواعدها في سورية، وحصة شركاتها في إعادة الإعمار. هذا الثمن، في نظر الإدارة الأميركية، في حاجة إلى تنازلات، منها وضع حد للنفوذ الإيراني في سورية، وعدم التمسُّك بالرئيس بشار الأسد، مع التسامح ببقاء بعض أركان نظامه، غير المتورّطين بجرائم حرب.

الطرفان الأميركي والروسي يُدركان أن التعامل مع طهران بصفتها مرتزقاً انتهى دوره، غير ممكن. وإيران لن تتخلى عن مشروعها في تمكين «حزب الله» في لبنان، والتمسُّك بحبل- ولو كان قصيراً- يضمن لها استمرار دعم الحزب، ورعاية دوره في لبنان، وغيره من الدول العربية. لكن هذا الحل لن يرضي حلفاء أميركا في المنطقة. فاستمرار التواصل العسكري مع «حزب الله» ودعمه، يعني أن طهران أبقت أهم أذرعها في العالم العربي وخرجت منتصرة.

لا شك في أن القضية السورية دخلت منعطفاً جديداً، لكنه ليس حاسماً. فاختيار بديل من الأسد لن يكون سهلاً، والمعارضة السورية، أو ما تبقّى منها، لن تتفق على اسم محدد، وهذا يعني أن اختيار النظام البديل ربما عاود تفجير الوضع مجدداً.

الأكيد أن الغارة الأميركية محاولة جدّية لرسم طريق جديد للقضية السورية. لكن هذه المحاولة تسير على ألغام حقوق الأقليات، ومصالح دول الجوار، وستتم في النهاية على حساب مصالح الشعب السوري، فضلاً عن مصالح الدول العربية، الرافضة المشروعَ الإيراني في المنطقة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف