جريدة الجرائد

خطر «داعش» بعد الموصل والرقة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

 سلمان الدوسري  

منذ منتصف العام الماضي وتنظيم داعش يتصدع إثر ضربات قاسية متتالية، هدّت الكيان الرئيسي الذي اعتمد عليه في ترويج دولة الخلافة المزعومة، فبعد الهزائم العسكرية المتتالية للتنظيم في سوريا والعراق وتآكل مواقع نفوذه، واقتراب هزيمته في الموصل، والمعركة الكبرى المرتقبة لاستعادة الرقة، أصبح شعار «باقية وتتمدد» الذي روّج له التنظيم طويلاً منتهي الصلاحية،

بل تحوّل شعار التنظيم إلى الحفاظ على القلة الباقية. صحيح «داعش» لم يفقد كل أسباب البقاء بعد، ولا يزال يسيطر على مساحة جغرافية تعتبر مهولة مقارنة بالتنظيمات الإرهابية، من ضمنها معظم الحدود بين سوريا والعراق، غير أن أدوات هذه السيطرة تضعضعت وسط معارك عسكرية حامية الوطيس، وتراجع كبير في القدرات البشرية والمالية والتنظيمية. ومع هذا كله، فإن «داعش» بصفته فكرة ستبقى قائمة لفترة طويلة حتى بعد طردها من الموصل والرقة.
لم تكن خطورة تنظيم داعش، الذي أعلن الخلافة على دولته المفترضة في سوريا والعراق في يونيو (حزيران) 2014، في استمرار هذه الدولة أو الخلافة، فهي ليست أكثر من فكرة مؤقتة قامت بناءً على ظروف غير منطقية، وبالتالي فإن نهايتها متوقعة، ومن الاستحالة استمرارها. الخطورة الحقيقية القادمة في تجزئة التنظيم إلى منظمات وجماعات إرهابية صغيرة تستغل الفوضى وعدم الاستقرار الذي تعيشه المنطقة، سواء في سوريا أو العراق أو ليبيا أو اليمن، أو حتى شبه جزيرة سيناء؛ وهو ما يساعد في استمرار أفراده في القيام بعمليات إرهابية في مناطق مختلفة حول العالم، وطالما لا تزال هناك جيوب متعددة ستستفيد من حالة عدم الاستقرار في مناطق الصراع بالشرق الأوسط، فإن العمليات التي تروّع العالم بين الحين والآخر ستستمر. ربما يواجه تنظيم داعش حرباً في سوريا والعراق قد تؤدي به إلى الانهيار، لكن أعمال العنف لن تتوقف، فكما يقال نهاية الحرب لا تعني بالضرورة بداية السلام.
وفي خضم المعركة الكبرى ضد «داعش»، علينا ألا ننسى أن التنظيم كان، ولا يزال، رائداً في استغلال وسائل التواصل الاجتماعي والاتصالات بطريقة لم تفعلها أي جماعة إرهابية أخرى، ولعل المحزن أن الحرب الدعائية والبروباغندا التي يتبعها التنظيم لا تتعرض للهزائم بقدر مواقع التنظيم الفعلية على الأرض، نظرياً يتوقع أن المعركة الواقعية هي الأصعب والأكثر خطورة وتكلفة، إلا أن الواقع ينبئنا بأن المعركة الافتراضية لا تزال تحبو، وسواء كان ذلك تراخياً من الشركات الكبرى لوسائل التواصل الاجتماعي أم لا، فإن التنظيم «باقٍ ويتمدد» في العالم الافتراضي مقابل تراجع كبير على الأرض، وهذا ما يصعّب عملية الحرب على التنظيم؛ فإعلامه فاعل وقدرته على جذب المؤيدين مستمرة، وحتى تحريضه على العنف باستغلال الشبكة العنكبوتية متواصل. من يصدّق أن الحرب الواقعية أضحت أسهل من الإلكترونية؟!
يقول وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، الذي توقع محاصرة الرقة بعد أسابيع لبداية الهجوم الحقيقي عليها: «إذا تحررت الرقة بعد الموصل، فإننا سنشهد بداية نهاية هذه الخلافة الرهيبة»، ومع تعدد الضربات العسكرية للتنظيم في معاقله وهزائمه الواحدة تلو الأخرى، فإن نهاية الخلافة المزعومة مجرد وقت، والتنظيم كـ«دولة» سيموت لا محالة، إلا أن خطورته بصفته أشرس التنظيمات الإرهابية في العالم ستبقى وقتاً من الزمن لا يمكن حسابها، ربما ينتهي التنظيم بشكله الحالي، لكنه سيتفتت إلى تنظيمات داعشية صغيرة منتشرة في مناطق عدم الاستقرار، ومنها بالطبع عالم الإنترنت الافتراضي.. . . 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف