لماذا ضَحِكَ الأمير خالد بن سلطان؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
داود الشريان
قبل أسابيع، مرت جريدة «الحياة» بحال من الإرباك، توقّف على أثره توزيعها في الخليج بضعة أيام. غياب جريدة بمكانة «الحياة»، وتأثيرها، صار خبراً، وهو يستحق. لكن بعض الصحف جعل التوقُّف مناسبة للنيل من الجريدة. الكاتب اللبناني جهاد الزين، تعامل مع القصة في شكل مختلف، وكتب في صحيفة «النهار» مقالاً بعنوان «جريدة الحياة المعنى والدور والمآل»، وقال: «إن الحياة نجحت نجاحاً يُعدُّ سابقة في تاريخ الصحافة العربية، في بناء علاقة مديدة استقطابية مع النخب العربية بل مع نخبة النخب العربية في أوسع رقعة من العالم العربي، ليس فقط بشبكة مراسليها وكتّابها وإنما بشبكة قرائها أيضاً، بل صارت مركز استقطاب لنخب وصحافيين من كل أنحاء العالم».
جهاد الزين لم يبالغ. وقرّاء «الحياة» يعرفون أنها في مرحلة ناشرها الأمير خالد بن سلطان، صارت الجريدة الوحيدة في العالم العربي التي استوعبت كل التيارات والآراء، فضلاً عن الأخبار، والسبب أن ناشرها لم يصدرها للمناكفة، فضلاً عن أنه لا يتدخّل في عمل الصحافيين ولا يملي عليهم ما يكتبون، ولهذا تجنَّبَت الدعاية السياسية، والتزمَت الأصول المهنية في صوغ الأخبار والتقارير، واحتلت مكانة لم تصل إليها جريدة سابقاً. وكما يقول جهاد الزين «أصبحت الصحيفة الثانية، ربما، في التوزيع ولكن الأولى في التأثير السياسي بين النخب الحاكمة والنافذة. وعَبْرَ هذا النجاح غير المسبوق توفَّرت للكتّاب السعوديين والخليجيين وللخطاب السياسي السعودي ولمدة أكثر من ربع قرن، فرصة تأثير واحتكاك ببيئات نخبوية عربية لم تكن متوفرةً قبل ذلك بهذا الاتساع». ويضيف: «تاريخ «الحياة» الثانية، أي بعد إعادة إصدارها في النصف الثاني من الثمانينات، هو تاريخ تحوُّلها إلى الجريدة الأولى للنُّخب الثقافية والسياسية والاقتصادية العربية، ومحط أنظار النُّخب الغربية المهتمّة بالشرق الأوسط والعالم العربي. أي نجاح مذهِل هذا؟».
قبل أيام، التقيتُ الأمير خالد بن سلطان، وبحكم أنني عملتُ في هذه الجريدة لسنوات وأنتمي إليها، وتربطني علاقة خاصة بناشرها، وددتُّ أن أسمع منه مباشرة، الإجابة عن سؤال تردَّد: هل تخلى الأمير خالد عن أهم جريدة في تاريخ الصحافة العربية الحديث؟ حين طرحتُ عليه هذا السؤال، ضحك وقال: «كل إنسان ممكن يسألني هذا السؤال إلا أنت»، وأضاف: «مَنْ يصنع صحيفة بهذا المستوى لا يُسأل مثل هذا السؤال».
لا شك في أن تاريخ الصحافة العربية سيكتُب أن الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز لجمَ التدهور المهني الذي استباح الصحافة العربية، بمعاودة إصدار الحياة وتحويلها إلى منصة صحافية عالية المهنية والموضوعية والمستوى.
الأكيد أن جريدة «الحياة» مستمرة، وستشهد في الشهور المقبلة خطوات تعزّز مكانتها ودورها الرائد في حماية الموضوعية والمهنية في الصحافة العربية.