أهمية الحوار والتسامح
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
شملان يوسف العيسى
حظيت زيارة البابا فرنسيس لمصر بحفاوة رسمية ودينية وشعبية كبيرة، وأطلق دعوة إلى الانفتاح والحوار بين الأديان، مشدداً على ضرورة وقف العنف والوحشية، وقال البابا في كلمته: «لن يكون هناك سلام من دون تعليم جيد للشباب يعتمد على تشكيل الهوية غير المنغلقة على نفسها، والانفتاح على الجميع»،
وشدّد على «أننا مقتنعون بأن مستقبلنا جميعاً يعتمد على الحوار بين الأديان والثقافات»، موضحاً أنه «لا يمكن بناء حوار على الغموض وغياب الصراحة، مع ضرورة وجود الشجاعة على الاختلاف، لأن اختلاف الدين لا يعني وجود عداوة... نحن مقتنعون بأن الخير يجب أن يطال جميع الأطراف»، داعياً إلى استراتيجية لتحويل التنافسية إلى تعاون، فلا يوجد بديل عن اللقاء والحوار، وشدد البابا على أن مستقبل البشرية يعتمد على الحوار بين الثقافات المختلفة.
السؤال الذي علينا طرحه: هل يمكن أن تنجح لغة الحوار والتسامح في مجتمعاتنا ودولنا العربية الإسلامية؟ علينا أن نقر ونعترف بأن أحد الأسباب الرئيسية لاشتعال الحروب الأهلية المشتعلة في أكثر من قطر عربي تعود إلى انعدام لغة الحوار والتفاهم، وعدم وجود التسامح في مجتمعاتنا.
مرة أخرى نسأل: لماذا انتشرت الحروب الطائفية والدينية وتفشَّت المصالح القبلية والمناطقية؟! ما نشهده من نتائج مدمرة وقاتلة في منطقتنا يعود إلى غياب التفاهم والتسامح.
هل يمكن أن تنتشر مفاهيم التسامح في مجتمعاتنا العربية ودولنا. إننا لسنا يائسين من هذا، ولكننا نحتاح إلى جهود جبارة لتحقيق هذه الغاية. وعلى الرغم من أن الأديان السماوية تدعو في جوهرها إلى التسامح، إلا أن هذا المفهوم انتشر في عصر التنوير في القرنين السابع والثامن عشر بشكل واسع، وقد صاغ مفاهيمه فلاسفة التنوير الأوروبيون، مثل فولتير وجون لوك وروسو وجون ستيوارت ميل وغيرهم، والسبب الرئيسي لبروز الحاجة للتسامح هو أن أوروبا التي دمرتها الحروب الدينية الطاحنة بين الكاثوليك والبروتستانت نحو 400 سنة، برزت فيها حركة الإصلاح الديني في القرن السادس عشر، التي أدت جهودها إلى إضعاف الكنيسة بعد تعدد الانشقاقات في المسيحية، ونشأة عدة طوائف وشيع، بالإضافة إلى سعي الملوك للحد من نفوذ الكنيسة الزمني، بسبب انتشار الفساد فيها، والإفراط في المادية.
السؤال الآن، وعلى ضوء الخبرة الغربية: هل يمكن إنجاح مفهوم الحوار والتسامح في بلداننا ومجتمعاتنا العربية الإسلامية؟ هل لدينا حركات فكرية حرة تؤمن إيماناً مطلقاً بحرية العقيدة والاحترام المطلق لأفكار واعتقادات الآخرين الذين يختلفون معنا في العقيدة أو المذهب؟!
أما في أميركا فقد برز مبدأ التسامح على يد المصلح البروتستانتي مارتن لوثر 1541، الذي ربط هذا المفهوم بحرية المعتقد والإيمان والضمير، وتزامن ذلك مع بروز النزعة الإنسانية عند مجموعة من المصلحين اللاهوتيين للمسيحيين.
مجتمعاتنا العربية الإسلامية للأسف الشديد تعاني من انتشار حركات الإسلام السياسي التي لا تؤمن بالحوار ولا بالتسامح، وترفض فكرة التعددية الفكرية والدينية، وتكفر الآخر، وتدعو إلى نبذه وإبعاده وإنهائه فقط لأنه يختلف عنه فكرياً أو مذهبياً، بمعنى أنهم يعززون روح الكراهية في المجتمع الواحد.
السؤال: لماذا المفاهيم الغربية تؤمن بالمحبة والإخاء والسلام بينما نجد حركات الإسلام السياسي تعزز الكراهية ونبذ الآخر فقط لأنه يختلف عنه بالعقيدة أو المذهب في مخالفة صريحة لمبادئ الإسلام. التسامح له قيمة سياسية تقبل بالاختلاف والجدل والحوار بدلاً من الإقصاء والإبعاد السياسي. والتسامح له قيمة حقوقية تدعو إلى عدم التمييز بين المواطنين، واحترام القانون الذي يحدد الحقوق والواجبات التي يجب أن يلتزم بها الجميع.
هل هناك إمكانية لأن تسود مفاهيم الحوار والمحبة والإخاء والتسامح في مجتمعاتنا ودولنا؟ نقولها بكل صراحة ووضوح: يمكن تحقيق ذلك بسهولة إذا تم تطبيق الديمقراطية في الوطن العربي، وتم إبعاد الدين عن السياسة، أو كما أكد الفيلسوف الفرنسي فولتير فإن وجود التسامح الديني في المجتمع يتطلب الوقوف ضد كل أشكال التعصب، من خلال إعلاء قيمة العقل والبعد عن التزمت، واحترام الحرية في كل مجال، خصوصاً حرية الاعتقاد وحركة الفكر الإنساني.
التعليقات
الغرب
عبدالله العثامنه -طالَبنا بالتعايش؛ اعتاش على خلافاتنا.