جريدة الجرائد

هل بات بعض المصطلحات أخطر من شعارات داعش؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

 فاتح عبد السلام

تكرار‭ ‬المصطلحات‭ ‬السياسية‭ ‬اللامعة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬اعطاء‭ ‬تفسير‭ ‬لعملها‭ ‬واستخداماتها‭ ‬هو‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الشعاراتي‭ ‬الذي‭ ‬يعود‭ ‬بسوء‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬محاولة‭ ‬اصلاح‭ . ‬نراهم‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬يعلنون‭ ‬كلما‭ ‬اتيحت‭ ‬لهم‭ ‬الفرصة‭ ‬التبرؤ‭ ‬من‭ ‬المحاصصة‭ ‬الطائفية‭ ‬ونبذها‭ ‬،‭ ‬لاسيما‭ ‬من‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يحكمون‭ ‬في‭ ‬مفاصل‭ ‬شتى‭ ‬بقوة‭ ‬تلك‭ ‬المحاصصة‭ .‬

لا‭ ‬احد‭ ‬يقدم‭ ‬برهاناً‭ ‬على‭ ‬امكانية‭ ‬اجتراح‭ ‬طريق‭ ‬خارج‭ ‬المحاصصة‭ ‬المقيتة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يكرر‭ ‬نفس‭ ‬المسارات‭ ‬كون‭ ‬القوى‭ ‬المسموح‭ ‬لها‭ ‬بالظهور‭ ‬والتداول‭ ‬السياسي‭ ‬حتى‭ ‬الان‭ ‬انّما‭ ‬هي‭ ‬نتاج‭ ‬الفرز‭ ‬الطائفي‭ ‬المعضد‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬غالباً‭.‬

الدستور‭ ‬نفسه‭ ‬يشجع‭ ‬على‭ ‬الاقتسامات‭ ‬الطائفية‭ ‬وكذلك‭ ‬القوانين‭ ‬الخارجة‭ ‬من‭ ‬رحمه‭ ‬والطروحات‭ ‬التي‭ ‬يعجن‭ ‬بها‭ ‬السياسيون‭ ‬منذ‭ ‬اسقاط‭ ‬تمثال‭ ‬صدام،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬الكتل‭ ‬التي‭ ‬تخوض‭ ‬الانتخابات‭ ‬باستثناءات‭ ‬قليلة‭ ‬غير‭ ‬مؤثرة‭ ‬بالمشهد‭ ‬السياسي‭ . ‬إذن‭ ‬ما‭ ‬معنى‭ ‬أن‭ ‬أحمل‭ ‬شعاراً‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬تنفيذه‭ ‬،‭ ‬هي‭ ‬محاولة‭ ‬للبداية‭ ‬الصحيحة‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬يحظى‭ ‬بتأييد‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬المناداة‭ ‬بالشيء‭ ‬خارج‭ ‬مرحلة‭ ‬التطبيق‭ ‬الى‭ ‬حالة‭ ‬التطبيق‭ ‬،‭ ‬ينبغي‭ ‬عند‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تطابق‭ ‬بين‭ ‬النظرية‭ ‬والتطبيق‭ .‬

اشرح‭ ‬المسألة‭ ‬أكثر‭ ‬،‭ ‬انّ‭ ‬هناك‭ ‬كلّ‭ ‬الاشياء‭ ‬والمستلزمات‭ ‬طائفية‭  ‬بامتياز‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬المساس‭ ‬بها‭ ‬،‭ ‬فكيف‭ ‬يريد‭ ‬الحالمون‭ ‬بالتغيير‭ ‬على‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬نسمع‭ ‬من‭ ‬شعاراتهم‭ ‬أن‭ ‬ينجزوا‭ ‬تقدماً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجو‭ ‬الملوث‭ .‬

المناداة‭ ‬بنبذ‭ ‬المحاصصة‭ ‬الطائفية‭ ‬هي‭ ‬أخطر‭ ‬من‭ ‬الانتماء‭ ‬لتنظيم‭ ‬داعش‭ ‬لدى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الرؤوس‭ ‬الكبيرة‭ ‬لأنها‭ ‬تعني‭ ‬نسفها‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬،‭ ‬لذلك‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تغير‭ ‬في‭ ‬جوهر‭ ‬البنية‭ ‬السياسية‭ ‬الطائفية‭ ‬الحاكمة‭ ‬بالعراق‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتحول‭ ‬الشعار‭ ‬الى‭ ‬قوانين‭ ‬نافذة‭ ‬تجرم‭ ‬التصرف‭ ‬الطائفي‭ ‬شكلاً‭ ‬ومضموناً‭ ‬وهيئات‭ ‬وأحزاباً‭ ‬وشخصيات‭ ‬وشعارات‭ ‬وتصريحات‭ . ‬وأظن‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬لو‭ ‬حدث‭ ‬لكان‭ ‬هناك‭ ‬ولادة‭ ‬لعراق‭ ‬جديد‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬لأي‭ ‬اختراق‭ .‬

 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف