لماذا يستهدف الإرهابيون القطيف؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سالم سالمين النعيمي
الحوادث تتوالى ما بين هجوم على مسجد ومهاجمة دوريات رجال الأمن، وغيرها من الحوادث الإرهابية التي لا تتوقف في محافظة القطيف، والتي تُسمى بالنجف الصغرى لمكانتها العلمية التي اشتهرت بها، وكثرة العلماء فيها، وهي منطقة ذات كثافة سعودية شيعية، وقد ذكرت وزارة الداخلية السعودية الجمعة الماضية، إن مسلحين أطلقوا النيران على العاملين بموقع مشروع تنموي قائم في حي المسورة، مما أسفر عن مقتل طفل ومقيم باكستاني، وإصابة 10 أشخاص بينهم 4 من قوات الأمن بجروح طفيفة، وقد لجأ منفذو العملية الإرهابية إلى إطلاق النار بعشوائية وبكثافة عالية على المارة وعابري السبيل ورجال الأمن الموجودين في الموقع من دون تمييز.
واختار الإرهابيون أن يستهدفوا الأبرياء، ورموا العديد من العبوات الناسفة على الآليات المستخدمة في مشروع التنمية، ليعيقوا المشروع ويحموا أنشطتهم داخل المنازل المهجورة بالحي، الذي تنطلق منه جرائمهم، والذي يعد بؤرة لجرائم القتل وخطف مواطنين ورجال دين، والسطو المسلح، وترويج المخدرات والخمور والاتجار بالأسلحة. ولو أعلنت «داعش» أو غيرها مسؤوليتها عن تلك الأعمال، فإن الإرهاب في القطيف يأخذ منحى آخر، وهو إرهاب مدعوم من دولة معادية لطالماً أعلنت أنها ستحرق الخليج العربي من الداخل، وتقوم بهذه النشاطات الإجرامية ضمن سلسلة تأجيج السكان ضد حكومتهم، ولعب أدوار مزدوجة، ولذلك لا أتوقع أن يكون هذا الهجوم هو الأخير، وأخشي أن يكون القادم أكثر ضراوة وعنفاً، ولن استغرب إذا نجحت تلك الدولة المعادية في تحريك خلاياها ممن سولت لهم أنفسهم وباعوا أوطانهم بهدف إثارة الفتنة، وإشغال المملكة بالداخل لقلب موازين القوى في المنطقة.
وسيكون موسم الحج المقبل تحدياً حقيقياً للأشقاء في المملكة العربية السعودية، ولا أتمنى أن يكون الحج موسماً لتصفية الحسابات، وإرسال الرسائل الملغمة، وإذا حدث ذلك - لا سمح الله - فالرسالة موجهة ومختومة بالشمع الأحمر للخليج العربي ككل.. ولربما تكون هناك محاولات أتمنى أن تكون فاشلة، كون أسهم التصعيد في الحوادث تشير عقاربها لهذا الاتجاه، وستكون كل جمعة من شهر رمضان في مساجد القطيف تحدياً أمنياً آخر، ونثق في قدرة الأشقاء في السعودية على السيطرة على الموقف، ونقف معهم تضامناً وقفة رجل واحد ضد قوى الكاهن الأعظم، وصنم القومية العرقية والروحية في المنطقة.
كما نثق بحكمة وعقلانية رجال الدين الكبار، وكل مواطن سعودي من المذهب الشيعي في القطيف في منع تغلغل قتلة الأبرياء بينهم والوقوف - كما عهدناهم دائماً- جنباً إلى جنب مع حكومتهم وهم أبناء تلك الأرض من العرب الأقحاح الذين يعلمون مدى الطمع الصفوي في أرض مهد ومهبط الرسالة والمكان الذي عاش فيه سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد عليه الصلاة وأذكى السلام، ولذلك لا بد من أن نعلم بأن هناك ارتباطاً وثيقاً ولا يوجد تمايز بين المواطنة والانتماء للمذهب أو الأيديولوجية، كون الوطن مرتبطاً بسندات غير قابلة للكسر، وبعيداً عن أن يكون له طابع وميول تغذى خارج حدود وحدته وسيادة أراضيه ومسألة غض الطرف عن ذلك تعد خرقاً وانتهاكاً واضحاً لانتماء الفرد لوطنه، وكل سعودي وخليجي مدرك لهذا البعد، وهو خط فاصل يتعلق بأمن المنطقة ككل، وما يصيب المواطن الخليجي في أي بقعه منه هو همُ ومسؤولية الجميع.
وكلنا ثقة في قدرة المجتمع السعودي على الصمود وقدرته على البقاء متحداً في مواجهة مثل هذه الهجمات الإرهابية، والدفع بحكمة وحزم ضد الأيديولوجية المتطرفة التي جعلت من التنظيمات الإرهابية المارقة ومن يمولها قوة لا يستهان بها في المنطقة، والتي تسعى بدورها لنشر الانقسام والكراهية في المملكة العربية السعودية بصورة خاصة وباقي دول مجلس التعاون بصورة عامة، وإنْ كانت أغلبية الهجمات الإرهابية التي وقعت داخل المملكة العربية السعودية مؤخراً، في مناطق الأقلية الشيعية في المنطقة الشرقية، وهو مخطط لا يفوت على الشعب السعودي المدرك بأن الهجمات تكتيك قذر والهدف منها إثارة النزعة والعنف الطائفي داخل السعودية، ومن المحزن جداً أن نرى الأبرياء يفقدون حياتهم بأيدٍ غادرة لا تُفرق بين الطفل الرضيع والشيخ المسن والمرأة، والعالم كله يدين تلك الأفعال الجبانة.
والسعوديون الذين ينتمون إلى جميع شرائح المجتمع يدينون الهجوم ويعارضون بشدة هراء أيديولوجية المهاجمين، حين أثبت المجتمع السعودي مرونة في الماضي، وسوف يستمر في ذلك، ولن يزيد الاعتداء الشعب السعودي إلا لُحمة وتضامناً.