غسيل المخ وإعادة تدوير البشر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
نوال الدوسري
خلق الله الملايين من البشر، وجعل الوجه ما يميز بين هذه الملايين بحيث لم تختلط ولم يكرر فيها أحد، وكل إنسان له شيء مميز مثل الاصوات، اختلاف البصمات فهناك بها تفرد لدرجة ان ينفرد كل إنسان ببصمة خاصة مختلفة وإن كان توأمين.
فحياتك أنت كما تكون أنت وكما تحب، فلا أحد يجبرك على أي شيء، فأنت المسؤول عن أي ضغط جسدي او اضطراب نفساني تجلبه لنفسك.
ولكن ما يستطيعون أن يفعلوه لك وبدون إرادتك، السموم الفكرية والمتكررة فترى نفسك تتبع القطيع بتجاه ما، دون ان تدرك ذلك، غسيل الدماغ او المخ هو الاسلوب في الاستقطاب وهو اسلوب قديم استخدمه المصريون القدماء وتم تطويره عبر التاريخ، ومن أشهر من استخدمه هم الصينيون الشيوعيون في عام 1950م، عندما كان الصينيون يطبقون برنامج الاصلاح الفكري الشيوعي الصيني، وأول من استخدم كلمة (غسيل مخ) الصحفي الامريكي إدوارد هنتر في ترجمته للكلمة (هسي تاو) وهي التعبير عن النظرية الصينية (إصلاح الفكر) او (إعادة التشكيل الايدلوجي) وهذه الكلمة معناها (قتل العقل) وذلك لأن العملية توجد خضوعًا لا اراديًا وتجعل الناس تحت سلطان نظام لا تفكيري وتكون في غمرة الرق الآلي لا حيلة لهم ولا قدرة، الى الآن ومن مراحل التاريخ كل أمة من الأمم استخدمته لتحقيق أهداف معينة، كالتي نشهدها اليوم من عمليات لغسل المخ، استهدفت الشباب وحشدت عددًا منهم مؤخرًا لتنفيذ جمل من العمليات الارهابية التي تستهدف دور العبادة، الأبرياء، وهدفها تمزيق نسيج المجتمع الواحد.
من المتعارف عليه دائمًا ان نظرية غسيل الدماغ وأول ما يخطر ببالنا يكون في السجون أي سجناء الحرب من خلال المعلومات الضالة والاشاعات والاكاذيب بالاضافة الى انواع التعذيب المختلفة، التي كانوا يتلقونها خلال الحرب العالمية الثانية، سلب إرادتهم، من خلال التعذيب، التجويع، وأحيانًا القتل المفاجئ أمام السجناء الآخرين، تعريضهم الى حرارة قصوى او البرودة القصوى ورفع درجة التوتر، او منع الادوية العلاجية التي يحتاجها السجين.
مع عصرنا هذا غسيل المخ يختلف اختلافاً كبيرًا، ما هو إلا إثارة العواطف لتشتيت القناعات والاتجاهات ومن ثم مسحها وإعادة تشكيلها، ويكونان عنصرين الهدف والمحرض الذي يختار الشباب من سن 15 الى 25 لغسل ادمغتهم، إما يكونون مهمشين اجتماعيًا، فقراء، قليلي التعلم ومن لديهم تاريخ عدائي او لديهم مظالم لدى الدولة الطامحين المتميزين وممن لم تخدمهم الظروف للظهور وبهم حقد، وحسد، وغضب، ويأس، والرغبة في الانتقام.
كيف نستشعر بهم هل لديهم علامات مميزة، من خططهم والمعروفة لديهم ووسائل في بداية السيطرة على العقل وسلبه، ابتسامة مصافحة وترحيب كبيرين، ثم ترسل للضحية (مسج) أنت شخص مهم عندي، وبعد المصافحة التربيت على كتف الضحية يكون ضعيفاً وفاقداً لكل شيء من الاسرة من عطف وحنان، ويتم إكرامه ومساعدته في اي وقت، والفزعة له لتسديد ديونه، من باب الصداقة، الضحية مع الشخصية لرائعة يكون معجباً بها، ولا يرضى لأي أحد أن يتفوه عنه بكلمة واحدة حتى لو قدمت له الادلة الدامغة، بل ترى الضحية يدافع بالدفاع المستميت عن تلك الشخصية وان كانت هذه الشخصية تمثل الشيطان نفسه، وهكذا يتم استدراج الصغار والكبار والشباب في المدارس سواء كانوا تجار دين، ثم تبدأ الشخصية بدءًا بتغذية عقولهم بأمور غير صحيحة او مبالغ فيها من خلال الدين، والعاطفة.
الضحايا هم ليسوا سجناء حرب بل سجناء التربية القاسية التي تلقوها من أسرهم والبيئة الاجتماعية التي عاش بها الضحية من كبت وحرمان وفقدان العاطفة حينما يقول له تاجر الدين (أحبك في الله) فقد أسر عقله وقلبه، فهذه الكلمة ليست من ضمن قاموس حياته وجدها من الغريب التي في نظرة أحن عليه من القريب.
قد تكون تجربة الطائفة والتي قام العديد من الباحثين والاطباء النفسيين بدراسة الحالات التي ترافقت مع استحواذ طائفة دينية او عقائدية معينة على شخص ما، حين تقوم بعض الجماعات ذات الايدلوجيات المتطرفة بتحويل شخص الى ما يشبه الرجل الآلي، حيث تقوم ببرمجة الشخص على البرامج المنهجية للتأثير على الشخص المستهدف او لتحقيق الاهداف ومنها (تغيير الهوية، القيم، والافكار والمعتقدات والاتجاهات المستقرة لأبناء دولة او مجتمع ما يريدون السيطرة عليه).
دائمًا المستهدف هو الشاب الذكي دون الاهداف المفضلة لديهم من شرائح المجتمع التي يعاني شبابها من فقدان التواصل الحميمي والانساني، والضعف في التعبير عن المشاعر، وممن يعتمدون لوم الآخرين على أخطائهم.
نعم نحن نعترف بأننا كبشر نحتوي على نقاط ضعف كثيرة لجذب من يحاول استغلالنا نفسيًا وماديًا وجسديًا لتحقيق اهداف معينة، وهذا شيء لا يدعو للخوف بل بالعكس يدعونا الى احترام هذا الدماغ الذي نمتلكه ومحاولة تقوية دفاعاته برفع المستوى العلمي والثقافي وتقبل النقد والتطوير، والأهم من ذلك عدم الانقياد والتعصب لأي فكرة ، فنحن نحتاج الى الإعلام ببرامج تكثيفية للتوعية بالتعاون مع وزارة التربية بعمل وورش تدريبية للمدراس لدعم الثقة ووفن الحوار وتعزيز الولاء لدفاع عن وطنهم، حفظ الله البحرين بحكامها وشعبها من كل مكروه.