حماس وسباق وزاري..!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
خالد أحمد الطراح
يبرر البعض حماسه بالاجتهاد أو الاخلاص للمهام المكلف فيها، بينما في واقع الأمر الحماس ممكن أن يكون أحد أشكال سلوك التسرع نحو تسجيل موقف أو جذب الضوء الإعلامي، وهو ظاهرة نراها تطغى على بعض الوزراء والمسؤولين ربما لإبراز نجاحهم إعلامياً وإثبات وجوده أمام أصحاب القرار الحكومي.
من المتحمسين لإطلاق التصريحات الصحافية هو د. فالح العزب، وزير العدل، فما من جلسة لمجلس الأمة إلا وطلب الكلمة في الرد على أحاديث النواب، خصوصاً من نواح دستورية وقانونية وهذا أمر طبيعي، لكن حين يتحول المشهد إلى الإفراط في الثقة وفي الحماس نحو الحديث بمناسبة أو من دون مناسبة ربما يفقد الحديث ضرورته!
حماس وزير العدل قاده بشكل ربما لم يدرك تداعياته إلى التصريح أثناء جلسة في إحدى الديوانيات للحديث بصورة غير لائقة موجهاً رسالة إلى أعضاء السلطة القضائية بأنه «سيحيل إلى النيابة العامة القضاة» الذين لم يقدموا أو يتخلفون عن تقديم ذمتهم المالية إلى هيئة مكافحة الفساد!
طبعاً حماس الوزير أثار استياء أعضاء السلطة القضائية، حيث اعتبر البعض أن مثل هذا التصريح «تهديد للقضاة»، مما قد يستدعي «رفع قضية ضد الوزير بالتهديد» (القبس 2017/4/21)!
حقيقة لا أستبعد رفع دعاوى ضد الوزير على هذا الصعيد، وربما تقديم شكوى إلى المجلس الأعلى للقضاء لحسم حماس الوزير وما جاء على لسانه من «تهديد»، فما كان يفترض من وزير العدل، وهو قانوني، أن يسمح لنفسه أو غيره بمس مرفق القضاء بأي شكل من الأشكال، علاوة على ان كان لدى الوزير العزب رأي بخصوص الذمم المالية لأعضاء السلطة القضائية، فينبغي أن يتم التعبير عنه بأسلوب أرقى من ذلك، ومن خلال مخاطبة المجلس الأعلى للقضاء من دون اللجوء إلى أسلوب الإثارة الإعلامية واستفزاز أعضاء السلطة القضائية بهذا الشكل، وفي مناسبة اجتماعية وليس في اجتماع رسمي!
حماس الوزير العزب كان واضحاً منذ اليوم الأول لجلسة مجلس الأمة بعد التصويت على الرئاسة، فقد كان واضحاً أن الوزير جاء متحمساً للمنصب الوزاري وتبادل الأدوار بشكل فوري مع الأخ الشيخ محمد عبدالله مبارك، وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء.
لا ألوم د. العزب على حماسه، فمعظم من يتقلد المنصب الوزاري يسيطر عليه الحماس منذ اللحظات الأولى، ربما لإثبات سلامة قرار اختياره، خصوصاً حين يأتي القرار بشكل مفاجئ أو غير متوقع، فالوزير العزب هو أحد من تمت إحالتهم إلى التقاعد من الإدارة العامة للتحقيقات، وأصبح في ما بعد مستشاراً للنائب الأول لرئيس الوزراء وزير الخارجية.
مثل هذا الحماس يمكن أن يعود بالضرر على الوزير وغيره ممن يسلك هذا السلوك، فالتأني في الشأن السياسي والقانوني على وجه التحديد أمر مطلوب حتى لا يصبح الوزير ضحية التسرع، ولنا تاريخ في الحكومات المتعاقبة، امثلة كثيرة ينبغي على الوزير العزب الاستفادة ممن تضرر قبله من التسرع والحماس حتى أصبح محوراً إعلامياً شبه يومي.
من الأولى أن يركز الوزير د. العزب جل اهتمامه على الدفع والتعجيل في قانون استقلال القضاء، وحل أي معوقات أثرت في تأخير إقرار القانون، سواء كانت معوقات سياسية أو قانونية، حتى يعالج ملفاً مهماً كهذا بدلاً من إطلاق الوعيد والتهديد!