جريدة الجرائد

الحقوق الدبلوماسية المفاجئة للمواطنين العرب

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

فاتح عبد السلام

المواطن‭ ‬العربي‭ ‬يحمل‭ ‬صفة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬وسياسية‭ ‬رسمية‭ ‬بالفطرة‭ ‬،‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬بهذه‭ ‬الخاصية‭ ‬التي‭ ‬تجلب‭ ‬له‭ ‬التعاسة‭ ‬إلا‭ ‬حين‭ ‬تقع‭ ‬الازمات‭ ‬السياسية‭ ‬الكبرى‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ .‬

‭ ‬يبيت‭ ‬المواطن‭ ‬العربي‭ ‬المقيم‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬مع‭ ‬زوجته‭ ‬واطفاله‭ ‬في‭ ‬أمان‭ ‬الله‭ ‬وحفظه‭ ‬ويستيقظ‭ ‬على‭ ‬البيان‭ ‬رقم‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬امهاله‭ ‬اسبوعين‭ ‬حتى‭ ‬يغادر‭ ‬البلد‭ ‬،حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬أقام‭ ‬فيه‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬واطفاله‭ ‬في‭ ‬مدارسها‭ ‬ومصانعها‭ ‬،‭ ‬ذلك‭ ‬انّ‭  ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬ينحدر‭ ‬منها‭ ‬تخاصمت‭ ‬في‭ ‬الليل‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬يقيم‭ ‬فيها‭ .‬

‭ ‬هذه‭ ‬المصاعب‭ ‬الحياتية‭ ‬لا‭ ‬يواجهها‭ ‬ابناء‭ ‬بلدان‭ ‬الاتحاد‭ ‬الاوروبي‭ ‬مثلاً‭ ‬ولا‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬المواطنون‭ ‬الروس‭ ‬المتجولون‭ ‬والمقيمون‭ ‬في‭ ‬اوروبا‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬الاوروبية‭ ‬على‭ ‬موسكو‭ ‬بسبب‭ ‬الازمة‭ ‬في‭ ‬اوكرانيا‭.‬

الانسان‭ ‬العربي‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انه‭ ‬اتفه‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬الحكومات‭ ‬يكتسب‭ ‬قيمة‭ ‬عليا‭ ‬في‭ ‬الصراعات‭ ‬البينية‭ ‬ويكون‭ ‬اداة‭ ‬مشتعلة‭ ‬وسط‭ ‬النيران‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬أو‭ ‬يعرف‭ ‬لماذا‭ .‬

في‭ ‬غزو‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬للكويت‭ ‬عانى‭ ‬مواطنو‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬وقفت‭ ‬على‭ ‬الحياد‭ ‬أو‭ ‬انحازت‭ ‬لهذا‭ ‬الطرف‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭  ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬لهم‭ ‬دخل‭ ‬في‭ ‬الموازين‭ . ‬دفعوا‭ ‬ثمن‭ ‬مواقف‭ ‬حكوماتهم‭ ‬التي‭ ‬يكرهونها‭ ‬وربما‭ ‬كانوا‭ ‬هاربين‭ ‬من‭ ‬جحيمها‭ ‬الى‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬اخرى‭ .‬

أزمات‭ ‬العرب‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭ ‬والمواطن‭ ‬هو‭ ‬الوقود‭ ‬المستمر‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬امكانية‭ ‬الخيار‭ .‬

‭ ‬جاءت‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬العراقيين‭ ‬،‭ ‬كانت‭ ‬تعد‭ ‬فيها‭ ‬زيارة‭ ‬سوريا‭ ‬مثل‭ ‬زيارة‭ ‬اسرائيل‭ ‬،‭ ‬فالجواز‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬ختماً‭ ‬لتأشيرة‭ ‬سورية‭ ‬يخضع‭ ‬للتحقيق‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬عند‭ ‬عودة‭ ‬حامله‭ ‬لأنه‭ ‬زار‭ ‬بلداً‭ ‬ممنوعاً‭ ‬بسبب‭ ‬خصومة‭ ‬البعثين‭ ‬العراقي‭ ‬والسوري‭.‬

لا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬اتحدث‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬سياسي‭ ‬هنا‭  ‬،‭ ‬ولعل‭ ‬المصائب‭ ‬العراقية‭ ‬الثقيلة‭ ‬تغنيني‭ ‬عن‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬بلدنا‭ ‬المحطم‭ ‬والمستاح‭ ‬كثيراً‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يعود‭ ‬اي‭ ‬طرف‭ ‬من‭ ‬اطراف‭ ‬تلك‭ ‬الصراعات‭ ‬العربية‭ ‬والخليجية‭ ‬بالنفع‭ ‬يوما‭ ‬على‭ ‬العراق‭  ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬أو‭ ‬باطل‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬مواطنين‭ ‬اتصلوا‭ ‬معي‭ ‬وتحدثوا‭ ‬عن‭ ‬تحطم‭ ‬حياتهم‭  ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬سيلحق‭ ‬بهم‭ ‬من‭ ‬تبعات‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬ومعيشية‭ ‬ونفسية‭  ‬في‭ ‬خضم‭ ‬الأزمة‭ ‬الخليجية‭ ‬المتوسعة‭ ‬عربياً‭ ‬اليوم‭ .‬

المواطن‭ ‬العادي‭ ‬ليس‭ ‬مسؤولاً‭ ‬عن‭ ‬مواقف‭ ‬حكومته‭.‬

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف