ابن سعيدان ووارن بافيت
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
علي سعد الموسى
أنا لا أعرف سعادة رجل الأعمال، حمد بن سعيدان، ولم يسبق لي أن تقاطعت معه في دقيقة من تفاصيل حياتي، ولا أظن أن ذلك سيحدث. نحن كوكبان مختلفان. الحملة الوحيدة التي سمعتها عنه في حياتي كلها كانت من فم صديق قال لي عنه قبل سنوات إنه عصامي مبدع وطموح شق طريقه إلى عوالم العقار والمال بكل نزاهة ومروءة. قال عنه: متواضع جداً وبسيط وكان من المبادرين الأوائل إلى إقامة أول جمعية سعودية للعناية بالأيتام.
لماذا أكتب عنه؟ أكتب لأن «ابن سعيدان» نقطة الأمل وضوء آخر النفق الذي يجب أن ينشر أمام آلاف الشباب الذين وقعوا أسرى للإحباط وثقافة التشاؤم. شاهدته واستمعت إليه بكل الدهشة والمتعة فجر الأربعاء الماضي مع الأخ العزيز، مفيد النويصر، في برنامجه اللذيذ # من - الصفر.
كان ابن سعيدان في البدايات «صفراً» مكعباً إلا من النفس الجموح الثائرة على واقعها. ابن عامل لبين يبني بيوت الطين في وسط وجنوب الرياض. شاب كان يهرب من منزله المتواضع في حي «دخنة» كي لا يكون وجهاً لوجه مع صاحب المنزل الذي يطلبه الإيجار. يترك هذه المهمة لزوجته «أم هشام». وحين أحس أن ذلك ليس من الصدق والمروءة واجه مشكلته بكل رجولة وشجاعة. دفع الإيجار وغادر إلى المغامرة. ذلك الذي كان لا يجد في جيبه أجرة منزل، هو من يسرد بكل شفافية ووضوح قصص شرائه لخمسة وأربعين مليون متر مربع للتطوير العقاري بمدينة الرياض، ويسردها حارة بعد الأخرى في ظرف عشر دقائق من البرنامج. وفي ثنايا سرده الخرافي لعملياته العقارية تشعر أن ابن سعيدان يروي فيلماً وثائقياً عن قصة امتداد وتوسع هذه الرياض الغالية إلى قلب كل سعودي. كيف غادرت هذه العملاقة مربعها القديم لتصبح بالأرقام أكبر عاصمة على وجه الأرض من حيث المساحة. وحين أكتب عن سيرة رجال هذه الأرض من باب القدوة والمثال، فأنا لا أقول أبداً أن استلهام التجارب سيقود إلى ذات النتيجة.
لن تصبح أبداً نسخة مكررة من ابن سعيدان إذا ما حاولت أن تشق ذات مشواره. الحياة نفسها فرص من الزمن والمكان والظروف. لكنني أدعو جامعاتنا وكل تجمعات القوى الشبابية على خارطة الوطن إلى استدعاء هذه النماذج الناجحة، وهم كثر، لاستعراض تجارب حياتهم أمام آلاف الشباب من أجل فتح نوافذ الأمل. ابن سعيدان لا يشبه في السيرة سوى الملياردير الأميركي، وارن بافيت: شاب فقير في ولاية نبراسكا الهامشية الثانوية يصل إلى ذروة الحلم الأميركي. اليوم لا يعمل وارن بافيت شيئاً سوى الانتقال من جامعة إلى أخرى للحديث عن تاريخه. وفي كل محاضرة يقف أساتذة الاقتصاد والإدارة طلاباً على مسرحه.