نهاية المشكلة الخليجية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
فريد أحمد حسن
في المشهد الخليجي أمران الثابت منهما هو أنه بدأ «الهبوط التدريجي» نحو عيد الفطر السعيد، فأيام الشهر الكريم الذي وفق الله سبحانه وتعالى عباده لصيامه وقيامه تتصرم ولعل الأحد المقبل يكون موعد احتفال الجميع بهذه المناسبة، أما غير الثابت من الأمرين فهو فرحة أهل الخليج العربي بانتهاء الأزمة التي طرأت وتكاد تمزق الكثير من الوشائج. ورغم كثرة الحديث عن واسطات الخير وتعبير العديد من الدول عن استعدادها للقيام بهذا الدور إلا أن الكثير من المؤشرات لا تزال تدفع نحو الاعتقاد بأن المشكلة في طريقها نحو التعقيد وأن شرخاً كبيراً يصعب أن التئامه بدأ في التشكل وتهديد المجتمع الخليجي الواحد، إذ لا يكاد ينتهي يوم منذ أن أعلن عن وجود المشكلة باتخاذ السعودية والإمارات والبحرين قرار قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر من دون أن تتوفر أسباب جديدة تعين على هذا الاعتقاد السالب.
أن يحلم الخليجيون بانتهاء هذه المشكلة مع قدوم العيد السعيد أمر جميل، وطيب أن يأملوا تحققه، لكن استمرار نظام الحكم في قطر في الإصرار على موقفه المبني على رفض الاتهامات وعدم الاعتراف بقيامه بما جعل ثلاث من دول المنظومة الخليجية تتخذ ذلك الموقف منه يعني أن ذلك الحلم غير قابل للتحقق، فلا أمل يمكن التمسك به في مثل هذا الوضع.
الخطوة الأولى نحو الحل هي اعتراف نظام الحكم في قطر بتجاوزاته، فمن دون هذه الخطوة لا يمكن للخطوات الأخرى أن تنجح، ولأنه من غير المعقول أن «تتبلى» الدول الثلاث على شقيقتها فإن هذا يعني أن النظام في قطر ارتكب أخطاء أدت إلى اتخاذ الدول الثلاث ذلك الموقف وتلك الإجراءات الغريبة على أهل الخليج العربي ودوله، ولأن معالجة الأخطاء لا يمكن أن تتم من دون اعتراف المخطئ بارتكابه إياها لذا فإن التوصل إلى نهاية ترضي الجميع تعتبر من الأمور المستحيلة.
من طبيعة الدول أنها لا تتخذ من بعضها البعض موقفاً ولا تعبر عن غضبها إلا بعد أن يتوفر لديها ما يكفي من أدلة وبعد أن تصل إلى درجة تتأكد معها بأنها لا تستطيع تحمل المزيد، ولولا وصول الدول الخليجية الثلاث إلى هذه الحالة لما غضبت ولما عبرت عن غضبتها بتلك الإجراءات حيث الدولة المعنية هنا هي دولة شقيقة وجزء من المنظومة الأكثر نجاحاً في التاريخ الحديث وليست دولة بعيدة عنها، أي أنها تدرك جيداً أن تلك الإجراءات قد تقود إلى إجراءات أصعب وأنها كلها تؤثر سلباً على إيقاع حياة المواطنين في دول مجلس التعاون.
لعل البعض بل الغالبية يرون أن الحل يمكن أن يتوفر من خلال الحوار بين الطرفين أو عقد جلسات تشارك فيها كل دول مجلس التعاون، وهذا أمر لا يمكن التشكيك في صحته من الناحية النظرية، لكن كيف للحوار أن يوصل إلى نتيجة طالما أن النظام الحاكم في قطر يرفض الاتهامات جملة وتفصيلاً ويرى فيها مشروعاً للهيمنة عليه وليس محاولة لتصحيح أخطاء يرتكبها؟ منطقياً لا يمكن للحوار في مثل هذه الحالة أن يسفر عن إيجابي، فطالما أن الطرف المعني لا يعترف بارتكابه الأخطاء التي أدت إلى اتخاذ أشقائه تلك الإجراءات وذلك الموقف فإن كل جلساته ستنفض في التو والحال. والأمر نفسه ستعاني منه الدول التي عبرت عن رغبتها في التوسط بين الطرفين، فهي ستسمع من النظام القطري ما يسد أمامها الطريق لأنه يرفض من الأساس كل الاتهامات ويعتبر أن الموضوع ليس إلا غدرا ومحاولة للهيمنة عليه.
ربما يحدث في هذه الأيام ما يناقض كل هذه الحقائق وهذا الواقع فيبدأ «الهبوط التدريجي» نحو الحل وتصير الفرحة فرحتين.