جريدة الجرائد

غرابيب لم تعد مجهولة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

 عادل الراشد

 محاولة خبيثة لعمل إرهابي مدمر استهدف المسجد الحرام وعمّاره، الذين كانوا يودعون شهر رمضان المبارك في آخر صلاة قيام يقيمونها في رحابه الطاهر، لولا عناية الرحمن ثم عيون رجال الأمن السعودي الساهرة. وتفجير نَسَف جامع النورين وأطاح بمنارته التاريخية في آخر يوم من شهر الصيام.

وفي العام الماضي سلّم الله تعالى المسجد النبوي الشريف من عدوان إرهابي كان يترصد المسجد والمصلين الذين قصدوه من كل فج عميق وراح ضحيته ثلة من رجال الأمن الذين قدموا أنفسهم رخيصة ليدفعوا شر الأشرار عن المصلين الآمنين في مدينة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. وغير هذه الحوادث عشرات الاعتداءات التي كانت فيها المساجد ودور العبادة في كل أصقاع الأرض، ودون تمييز، هدفاً لخطط غرابيب الظلام المتشحة بسواد الوجوه كسواد قلوبها المريضة.

إرهاب لم يعد مجهول الهوية وإن لبس جلباب الدين، واستباح مقاصد الجهاد، وركب موجة المقاومة ومحاربة الكفار. فلم تعد كل تلك المزاعم تنطلي، وما عاد الحليم حيراناً، وما بقيت الأمور غامضة. فقد سقطت ورقات التوت عن السوءة الخبيثة، وانكشفت كل الأستار، وانفضحت كل الخبايا.

إرهاب استخباراتي تديره قوى شيطانية، باعدتها الجغرافيا وقرب بينها قاسم الشر المشترك، فغدت أفرع لمؤسسة عالمية تعمل ليل نهار لإخضاع الشعوب عبر إشعال الحرائق في كل مكان، والتدرج في توسيع شر الإرهاب ليتعود الناس في كل العالم على أن لا حصانة لأحد كان أو مكان معين أو قيمة خاصة، فتُسقط معها كل ثوابت شرائع السماء وتعطل كل قوانين الأرض، وتدمر كل معنى للجمال جُبل عليها الإنسان.

وصل شر الإرهاب ذروته وهو يكشف عن نفسه الآثمة. فعندما كانت الكنائس ومساجد الطوائف مستهدفة كان الهدف ذر الرماد لإلباس سواد المسلمين الأعظم ثوب الخطيئة وإلصاق تهمة الإرهاب فيه. وعندما فاض كأس الشر المندفع عبر خطة الفوضى الخلاقة وبلغ حد خلط الأمور على الناس حتى كاد الأخ يشك في أخيه واهتزت الثقة في الكثير من بيوت العرب والمسلمين، وصارت تهمة الإرهاب ملصقة في مؤخرة ثوب كل مسلم يمشي على الأرض، تمادى الشر فرمى بشرره على أقدس مقدسات المسلمين ليفقدهم ثقتهم بآخر معاقل نفوسهم المتعلقة بدينها والمتمسكة بهويتها بالرغم من كل الصور المزورة ومشاهد الدم المصطنعة.

إرهاب كوني، تديره قوى شيطانية، تبدو واحدة من نسخها وهي «داعش» تلفظ أنفاسها بعد أن استنفدت أغراضها، لتبدو إرهاصات نسخ جديدة طور الإطلاق. وفي ذلك سبب كاف لتتضامن كل قوى الخير لتحمي ما بقي من القيم الإنسانية وتحفظ ما أنجزته الحضارات.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف