أشهر الأبناء المرفوضين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سمير عطا الله
تذكرون، دون شك، الكلام الذي قيل وكُتِب حول ستيف جوبس عند وفاته. فقد شاعت حول العالم وقتها قصته المأساوية مع والده الحقيقي عبد الفتاح الجندلي، الذي تركه، بعد ولادته. وتزوجت أمه رجلاً يحمل اسم عائلة جوبس.
بعد اشتهار ستيف في عالم التكنولوجيا، حاول عبد الفتاح الجندلي البحث عنه والعودة إليه. لكن الابن رفض بعناد. وعندما أصيب بالمرض في سنواته الأخيرة، حاولت شقيقته، منى، التوسط بين الأب والابن، لكن الأخير ظل يرفض ذلك.
أو هذه هي الرواية للأحداث التي شاعت آنذاك. وإذ اندفع الناس إلى وضع أكاليل الورد أمام منزل ستيف، لاحظ المارة واحدة كتبت عليها بالعربية: أهم ثلاث تفاحات في التاريخ: تفاحة آدم، وتفاحة (العالم) نيوتن، وتفاحة ستيف جوبس. أي شركة «آبل» التي أسسها وأصبحت اليوم أغنى شركة في تاريخ أميركا.
أحد الذين حاولوا التوسط بين الأب والابن في تلك المرحلة، كان الزميل سمير صنبر، الذي تعرّف إلى عبد الفتاح الجندلي يوم كانا طالبين في الجامعة الأميركية في بيروت، ثم التقيا بعدها في نيويورك، عندما حاول الجندلي الانتساب إلى الأمم المتحدة. وقد نقلتُ عنه يومها، في هذه الزاوية، بعض ما روى، مما كان جديداً على القارئ العربي.
قبل أيام عدنا إلى الحديث عن ستيف عندما التقينا في نيويورك، إذ أشار الزميل إلى ما ورد في مقالتي «آلو» عن جوبس، قبل أسبوع. وعدنا إلى حكاية الوساطة.
كان انطباعي، وربما انطباع الجميع، أن الذي عاند هو الابن. لكن من كان هذا انطباعه لا يعرف الرجل الشرقي. عبد الفتاح الجندلي كان ابن أحد كبار الأغنياء في مدينة حمص. وبعدما أضاف العلم إلى الثروة، زاد اعتداده بنفسه. وإلى الاثنين، كان يتمتع بوسامة جعلته يكثر من المغامرات النسائية، ومنها التي أدت إلى طلاقه من والدة ستيف.
عندما كان يقال لعبد الفتاح إن عليه أن يلين قليلاً لأن ابنه أشهر عبقري في العالم، كان يقول: «ومن أين له العبقرية؟ هل هو ابني أم أنا ابنه؟ هاكم، اعملوا له فحص (D.N.A)، سوف تجدون أن فيه دماء الجندلي». أخفقت الوساطات، وغاب الابن دون أن يقابل الأب. وحرمت حمص من أن يُنسب إليها ابن هو من أشهر علماء التاريخ، وظلت تظلم، بالنكات، عن سذاجة بعض أهلها.
ذكرتني القصة بحكاية كان يرددها أحد كبار الشعراء في لبنان، عن أن والده المعتد به وبنفسه أيضاً، كان يقول له دائماً: «ما أردده أنا في المقهى، تكتبه أنت في الجريدة».