القمة الصعبة لمجموعة العشرين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عبدالله بن عبدالمحسن الفرج
قمة العشرين التي ستعقد في مدينة هامبورغ الألمانية نهاية هذا الأسبوع سوف تكون من القمم الصعبة. فهذه أول حضور للرئيس الأميركي دونالد ترمب؛ الذي لديه أجندة تختلف عن بقية الرؤساء الأميركيين الذين حضروا القمم السابقة للمجموعة.
وأعتقد أن ضحايا هذه القمة سوف يكون أمرين على الأقل. الأول هو فهمنا للتجارة الحرة التي طالما رفعنا شعارها وكما لو أنها أيقونة أو بقرة مقدسة. وهذا يعود إلى القناعة بأن كل ما يصدر عن الغرب يعتبر قانون لا غبار عليه. وهذا صحيح فقط لان دول الغرب هي أقوى الدول وبالتالي فإن كل ما تُفتي به يصبح قانونًا بفعل القوة وليس الحق. فالكل ربما لم ينسى بعد كيف أقاموا الدنيا علينا ولم يقعدوها عام 1973 عندما فرضت الدول العربية المنتجة للنفط حضرًا على صادرات النفظ. وقتها وجهت أصابع الاتهام للأوابك بخرق قواعد التجارة الحرة وخلط الاقتصاد بالسياسة.
أقول ان على كل من لا يزال يصدق تلك الخزعبلات عليه ثانيًا ألا يتفاجأ وهو يتابع وقائع قمة العشرين في ألمانيا. ففي هذه القمة سوف تتصارع مصالح الدول العظمى مع بعضها البعض. ففي هامبورغ سوف تكون الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والصين والهند وروسيا التي تعتبر من الفضاءات الاقتصادية الكبرى.
ولذلك فإن أبرز الموضوعات التي سوف يحتدم عليها النقاش في القمة سوف تكون التجارة الحرة. ويا للمفارقة العجيبة فإن الولايات المتحدة التي كانت لردح طويل من أشد المدافعين عن التجارة الحرة انقلبت هذه المرة عليها. بالمقابل فإن الصين الشيوعية، وياللعجب، سوف تكن في هامبورغ من أبرز المدافعين عن حرية التجارة. إنها علامة على أن النظام الاقتصادي العالمي يعيش مرحلة انتقالية. فقبل أن تتحقق الثورة الصناعية الرابعة فإن الاقتصادات الذي تعتمد على اليد العاملة الرخيصة هي التي تتمتع بميزة تنافسية نسبية أمام غيرها.
ولذلك فإن الولايات المتحدة التي يعاني اقتصادها ترغب أن تضع حد لإغراق أسواقها بالبضائع الصينية والأوروبية. فأميركا تشتكي إغراق الاتحاد الأوروبي لسوقها بصادرات الصلب الرخيصة والسيارات الألمانية، المصنعة في أمريكا الجنوبية، التي تلقى رواجًا عند الأمريكان. كذلك تشتكي واشنطن من الصين التي تعتمد على رخص يدها العاملة وسعر صرف عملتها المنخفض. اما مع روسيا فإن أميركا تطمح في الاستيلاء على سوق غازها في أوروبا من خلال نظام الحظر، الذي استكثروه علينا عام 1973، وإحلال الغاز الصخري الأميركي محله.
وهكذا فإن الدول التي لديها نظرة ثاقبة ومتوازنة للأمور مثل المملكة والهند وغيرها سوف يعتمد عليها في ترجيح كفة النقاش بين مختلف الدول.