«العلاقات العربية الأميركية»: تعامل السعودية مع تحدياتها الاقتصادية مثير للإعجاب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أكد الرئيس المؤسس لمجلس العلاقات العربية الأميركية الدكتور جون ديوك أنثوني أن السعودية تعاملت مع الصعوبات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها بشكل مثير للإعجاب، لافتاً إلى ضرورة أن يستوعب مواطنوه أهمية «العلاقة الاستثنائية والخاصة بين بين أميركا والمملكة».
جاء ذلك في سياق مؤتمر نظمه المجلس أمس عن «رؤية 2030: تطوير ديناميكية الأعمال والاستثمار بين أميركا والسعودية»، مؤكداً ضرورة استثمار المعاملة المميزة التي وفرتها المملكة للولايات المتحدة لعقود مضت، كما أعرب عن أسفه لتصوير السعودية بشكل سلبي أحياناً في مثل قانون «جاستاً»، منوهاً بمواجهة السعودية للتحديات العديدة، بما في ذلك تزايد عدد شباب المملكة الذين يطرحون مطالب مختلفة على الحكومة، خصوصاً في ما يتعلق بالتعليم والطاقة والعمالة.
ورأى الدكتور أنثوني في تصريحاته التي حصلت «الحياة» على نسخة منها أنه في مواجهة كل هذه الصعاب، تعاملت السعودية معها بشكل مثير للإعجاب، إذ كانت الرؤية السعودية ٢٠٣٠ مثلاً رائعاً للجهود الجارية.
وفي المناسبة قدم أنثوني ثلاثة من أعضاء لجنة النقاش: وهم عضو بالمجلس العالي الوطني للشؤون الدولية الدكتور بول سوليفان، وأستاذ في جامعة الدفاع الوطني، وعضو بالمجلس الوطني للشؤون الدولية ومحلل سياسي في سفارة المملكة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة فهد ناظر، والرئيس والمدير التنفيذي لمجلس الأعمال الأميركي السعودي السيد إد بيرتون.
وركز سوليفان على المناخ الاقتصادي الذي واجهته المملكة العربية السعودية على مدى فترة وجودها، الذي شبهه الدكتور سوليفان «بقطار الملاهي» [بمعنى أنه متغير بشكل سريع ومؤثر]. وهذا يشير إلى تذبذب إجمالي الناتج المحلي السعودي (JDP) الناتج عن تذبذب أسعار النفط. وبما أن 75٪ من عائدات المملكة العربية السعودية تأتي من النفط، فإن هناك تقلباً كبيراً في اقتصادها من سنة إلى أخرى. وفي الآونة الأخيرة، أدى ظهور النفط الصخري والتخفيضات العالمية في أسعار الطاقة إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي السعودي لمدة أربع سنوات. وإذا أرادت السعودية كسر هذا المسار ومواجهة التحديات التي تسعى رؤية 2030 إلى حلها، أوضح الدكتور سوليفان أنه يجب أن يعالج ويعزل هذا السبب الأساسي.
وأضاف: إن ٦٠% من السعوديين تقل أعمارهم عن ٣٠ عاماً، وكثير منهم عاطلون عن العمل، ومن الصعب إجراء أي تخفيضات لبرامج الرعاية الاجتماعية»، كما نبه إلى أنه سيتعين على المملكة العربية السعودية العمل بنشاط لتخفيف أثر أي تخفيضات من هذا القبيل، وأنه قد تضطر إلى اقتراح حلول أكثر إبداعاً بدلاً من التقشف البسيط.
واعتبر أن السعودية تسعى إلى معالجة العديد من المخاوف المجتمعية، ومن بين ذلك الطرح العام الأولي لحصة صغيرة من أرامكو السعودية، ستكون بها المملكة قادرة على تسخير الأرباح إلى صندوق استثماري عام، ومن ثم سيكون بإمكانها أن تنميه ليصبح صندوق الثروة السيادية الأول في العالم، ليس فقط لسعودية الأكثر ثراءً، بل لسعودية أكثر مساواة من الناحية الاقتصادية. وعلاوة على ذلك، من شأن زيادة خصخصة القطاعات التي تسيطر عليها الحكومة تقليديا أن تتيح فرصا لزيادة الاستثمار الأجنبي، في حين أن سياسات مثل ما يسمى بنظام «السعودة» ستضمن أن تكون فرص العمل التي تعود بالنفع على مواطني المملكة (مع التركيز بشكل خاص على الشباب والنساء). وهذا من شأنه أن ييسر الطريق للتخفيضات الحتمية والوشيكة لنظام الدعم، وهو النموذج الذي وصفه الدكتور سوليفان بوضوح بأنه «غير مستدام».
لكنه لفت إلى أن الأكثر مدعاة للقلق لدى الأميركيين من الحضور هو موضوع الإسكان. وتعليقاً على أوجه التشابه بين أسواق الإسكان الأميركية والسعودية، أشار الدكتور سوليفان إلى أن هناك نحو ١٫٥ مليون مواطن في المملكة العربية السعودية على قائمة انتظار لاستقبال المساكن، وهو رقم مذهل ليس مدعاة للقلق فحسب ولكنه أيضاً فرصة استثمارية للشركات الأجنبية.
من جهته، أطلع المحلل السياسي فهد ناظر الحضور على بعض الجوانب الاجتماعية لرؤية ٢٠٣٠ وقارن روح المبادرة فيها بما قاله الرئيس الأميركي جون كينيدي: «لا تسأل ما يمكن أن يفعله بلدك لك، ولكن ما يمكنك فعله لأجل بلدك»، واصفاً الرؤية بأنها «إعادة هيكلة العقد الاجتماعي»، وتهدف إلى تحسين ما اتفق عليه أنه نموذج غير مستدام، وتخلق في الوقت نفسه تحسينات في نوعية حياة المواطنين السعوديين.
واستخدم ناظر ثلاث كلمات لتلخيص هذه العملية: «الشفافية والمسؤولية والكفاءة»، وكانت تهدف جميع الأهداف الثلاثة إلى بناء التحول في العقدين السياسيين السعوديين السابقين اللذين حققا إنجازاتهما الخاصة، مثل مجلس الشورى ومركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني.
أما الخبير إد بيرتون فقام بمداخلة روى فيها تجربته الخاصة في المعيشة والعمل بالمملكة العربية السعودية، فضلا عن الدعوة إلى زيادة التعاون الأميركي مع الشركات السعودية وآفاق الاستثمار بالمملكة، وقال: مثلت السنوات الأخيرة بداية «ليوم مختلف» للعلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، التي لم تشهد مثيل لها منذ السنوات الأولى للازدهار النفطي.
ولم يكتف السيد برتون فقط على الأثر الإيجابي الذي ستكون له رؤية ٢٠٣٠ على السكان السعوديين، بل أيضاً على الفرص الكبيرة التي يتيحها للاستثمار والتعاون الأجنبي، ولا سيما في مجالات الرعاية الصحية والأدوية والبنية التحتية والدفاع.
وشدد على أن الرعاية الصحية إحدى أهم القطاعات الحكومية في المملكة العربية السعودية، نظراً إلى الاعتماد عليها كمصدر لوظائف مرموقة، فضلاً عن الدور المتزايد في الأهمية الذي يلعبه هذا القطاع في مكافحة الأوبئة الصحية العامة مثل السمنة وأمراض القلب (التي أصبحت أكثر انتشاراً في المملكة في السنوات الأخيرة). كما أنه يوفر منافذ لتوسيع القطاع الخاص، وخصوصاً في مراكز الرعاية الصحية الخاصة - التي تضم حالياً أعلى نسبة من الرعاية التي تديرها المملكة العربية السعودية - كذلك المواد العلاجية، ومبيعات الأجهزة الطبية. في حين أن العديد من الشركات الأميركية، بما في ذلك جنرال الكتريك، فايزر، ميرك، وجونسون آند جونسون تعمل حالياً في المملكة العربية السعودية، وهناك خطط لزيادة حصة السوق المحلية من هذه الشركات بحلول عام ٢٠٣٠.
وتمثل المملكة نسبة ٤٠ في المئة من إجمالي نشاط البناء في الخليج، وستظل تشكل حصة كبيرة من هذا النشاط وهي في طور توسيع شبكة السكك الحديدية الخفيفة والسكك الحديدية الثقيلة وشبكات السفر الجوي. هناك شبكة أميركية كبيرة تسهم في هذه الجهود، بما في ذلك أيكوم، جنرال الكتريك، كاتربيلر، وبارسونز. إضافة إلى ذلك، تتوقع المملكة العربية السعودية إجراء إصلاح شامل لسوقها الدفاعية والأمنية بهدف إنتاج ٥٠ في المئة من عمليات الاستحواذ الدفاعي محلياً بحلول عام ٢٠٣٠. في حين أن الشركات الأميركية الحالية للدفاع مثل بوينغ، رايثيون، ولوكهيد مارتن تواصل دورها البارز في السوق، تأمل المملكة العربية السعودية بزيادة الصناعة العسكرية المحلية في السنوات المقبلة.
بول سوليفان: «الإسكان» أهم بنود الرؤية... ووزارته تعمل «بلا كلل»
أكد الدكتور بول سوليفان أن «قائمة الانتظار في قوائم الاسكان، تمثل انخفاضاً في ملكية المنازل من ٦٢ في المائة من السكان في عام ٢٠٠٧ إلى ٤٧ في المائة في عام ٢٠١٦، ويعزى ذلك جزئيا إلى ارتفاع عدد السكان الشباب، بينهم عاطلون عن العمل». وفي محاولته للإجابة عن سؤال: ما ذا تعني 2030 السعودية لأميركا؟ اعتبر أن أهم الفرص الواعدة للمستثمرين، تتركز في الإسكان، وضعت الحكومة السعودية إصلاحات لقوانين القرض العقاري - بما في ذلك خطط لزيادة إمكانية الحصول على القروض لسداد المدفوعات على المنازل والممتلكات واقترحت ضريبة بنسبة ٢٫٥% على الأراضي غير المطورة، إذ تأمل المملكة أن تخفف من حدة المخاوف المحيطة بسوق الإسكان، كما تستهدف تقليص النقص الذي يبلغ حجمه 1.5 مليون وحدة سكنية، منوهاً بمقترح العديد من تلك الاصلاحات في الاسكان وزير الإسكان السعودي ماجد بن عبد الله الحقيل، مشيراً إلى أنه «عمل بلا كلل لتنفيذ مبادرة الإسكان بأسعار معقولة كجزء من رؤية ٢٠٣٠، أحد أكبر المؤشرات والبنود في موازنتها».