وادي السيليكون.. هل ينقذ «الديمقراطيين»؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
دانييل دبليو دريزنر
فيما يتعلق بـ «صناعة الأفكار»، لاحظت أن المتنفذين الأثرياء في وادي السليكون، يميلون إلى التفكير في السياسة، بطريقة تختلف جد الاختلاف عن الطريقة التي يفكر بها معظم الناس.
يتبين هذا من خلال بعض المؤشرات، ومنها المسح الذي أجراه «جريج فيرينشتاين»، المحرر بموقع «فيرينشتاين واير»، وشمل أكثر من 100 من مؤسسي وادي السيلكون، بغرض تحديد الفجوة بين مواقفهم السياسية ومواقف الآخرين المنتمين إلى السواد الأعظم من الناس. وتبين من المسح أن احتمال رؤية النخبويين في وادي السيليكون للصراع السياسي كمشكلة عميقة الجذور، أقل بكثير من احتمال رؤيته كمجرد شفرة معيبة تحتاج إلى اختراق.
ويتبين من المسح أيضاً أن عدد الأفراد المؤسسين في وادي السيليكون الذين يعتقدون أنه ليس هناك صراع كامن بين المجموعات الرئيسة في المجتمع، يفوق عدد الأفراد العاديين الذين يتبنون هذا الرأي بثلاثة أضعاف، كما تبين أيضاً أن الكثير من المتنفذين الأثرياء يفضلون الحلول السياسية التي تلتف على الدولة الأميركية، بدلاً من بذل الجهد اللازم لإصلاح السياسات القائمة.
وهذه النقطة تحديداً تستحق الطرح مجدداً، لأن كلاً من «مارك بينكس» الشريك المؤسس لشركة «زينجا» لألعاب الإنترنت، و«ريد هوفمان» مؤسس شبكة «لينكد إن»، دشنا للتو موقعاً سياسياً أطلقا عليه اسم، «اكسب المستقبل» (WTF).. ويشرح الموقع الهدف منه في بيانه الافتتاحي على النحو التالي: «الموقع يبني أول لوبي شعبي يتولى فيه الأعضاء وضع الأجندة بأنفسهم. ونحن نبدأ بكود أخلاقي مؤيد للمجتمع، ومؤيد للكوكب، ومؤيد للأعمال».
كانطباع أولى من جانبي، أرى أن بيان المهمة الافتتاحي الذي نشره موقع WTF، وكذلك الأفكار المبدئية التي عبر عنها، قد نالا قدراً كبيراً من الازدراء والسخرية والتهكم، خصوصاً من قبل هؤلاء الذين يحتقرون الديمقراطيين النيوليبراليين.
وباعتباري شخصاً يشعر بدرجة لا بأس بها من الارتياح مع الوسطيين النيوليبراليين، فإنه يفترض مني أن أكون أقل عدائية تجاه الموقع المذكور. لكن يتعين عليّ القول مع ذلك، إنه يصعب عليّ للغاية أن أكون متعاطفاً معهما- بينكس وهوفمان- بعد أن شرح بينكس دوافعه لـ «ماكسويل تاني»، الصحفي بموقع «بيزنيس إنسايدر» المتخصص في شؤون الأعمال، والذي كتب في موقعه يقول: «بينكس، الذي أنفق ملايين الدولارات في دعم الحملات والمنظمات الديمقراطية، على مستوى الولايات والمستوى الفيدرالي، لما يزيد على عقد من الزمان، قال لي إن جزءاً رئيساً من WTF كان نتيجة لعدم رضاه عن الطريقة التي كان الحزب الديمقراطي يهدر بها طاقته وأمواله».
ويتابع ماكسويل: «قال لي بينكس أيضاً: أنا لا أشعر بأنني أحظى بالاحترام في العملية السياسية باعتباري من كبار المانحين، أو حتى كمواطن عادي يدلي بصوته. وما أشعر به في الحقيقة هو أنني أعامل بنوع من التعالي من جانب ممثلي الديمقراطيين». ويضيف: أجد نفسي موضعاً للسخرية من الناشطين الديمقراطيين، الذين يميلون للاتجاه يساراً أكثر من معظم الباقين. ومع ذلك، فإنني لو كنت ديمقراطياً تقدمياً حقاً، فإنني ما كنت سأسارع بالتهوين من شأن بينكس وهوفمان ومارك زوكربيرج صاحب «فيس بوك»، وغيرهم من القادة في وادي السيليكون.
السبب السياسي الأعمق، هو أن الديمقراطيين يحتاجون في عصر من الاستقطاب السياسي مثل الذي نمر به حالياً، إلى بذل الجهد الإضافي اللازم للترابط مع الأشخاص أصحاب الثروات والمراكز المالية الصافية الجيدة. ويمكن لشخص مثل ساندرز أن يكون حامل راية الحزب الديمقراطي حالياً. لكن حتى يحين الوقت الذي يصبح فيه المال غير ذي أهمية في عالم السياسة، فإن الديمقراطيين سوف يظلون حريصين على الاحتفاظ بالمليارديرات النيوليبراليين في خيمتهم. وطالما أن الأمر كذلك فعليهم إذن تحمل أفكار مثل تلك التي يعبر عنها موقع WTF.
*أستاذ السياسة الدولية في جامعة تفتس
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوزسيرفس»