جريدة الجرائد

الخليج الجديد

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

 خليفة علي السويدي

 مع عاصفة الحزم الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية، ذلك الحراك الذي أذهل العالم، من حيث صناعة القرار، وسرعة التنفيذ، وقوة الإتقان، ليجد العالم نفسه مصدوماً بأن المنطقة انتقلت من موقع المفعول به إلى الفاعل الذي يخشى الكون سلطانه،

ويسعى إلى سلمانه، وما حرص الرئيس الأميركي ترامب على الاجتماع بقادة العالم الإسلامي في المملكة العربية السعودية في أول رحلة دولية له، إلا مؤشر واضح على صفحة جديدة من العلاقات سطرت صفحاتها بمداد من ذهب مملكة الخير والعطاء إن رضيت، وسيف سله الله على المخالفين إن غضبت. وما أجملها من صورة تجمع المملكة العربية السعودية بكل ثقلها مع الإمارات بجميل إنجازاتها، في بوتقة من الحكمة قل مثلها في الوطن العربي، وكان العهد أن تلتف كل دول المنطقة في عقد متين وحصن حصين، لولا ما بدا للعالم من بداية فتنة وشعلة أزمة، إن لم يتداركها عقلاء المنطقة بالحكمة والمنطق فإن اتحاد مجلس التعاون مهدد بالانفصام. هذا الأمر يدعو أصحاب العقول المستنيرة للبحث عن مشروع حضاري جديد، تتألف حوله الأرواح ويتحقق للمنطقة النجاح، معتمدين في مشروعنا على طرح فكري جديد، فالماضي لن نعود له، لكن المستقبل يصنع، ومن يدرس مشاريع النهضة الغربية والشرقية التي قدمت الخير للبشرية يجدها قائمة على أسس مشتركة تبدأ باحترام كينونة الإنسان وتمكينه من النجاح والفلاح. ومن أجل ذلك عد الفكر بجوانبه المتشعبة من أهم لوازم الحداثة للمنطقة، ومع الفكر نحن بحاجة إلى إدارة سياسية متجددة تصنع المستقبل ولا تنتظره. ومن أهم ركائز ذلك المستقبل الاقتصاد وإنجازاته، فلن تجد دولة في العالم أو تحالفاً دولياً إلا وكان الاقتصاد رأس ماله، والفشل في تحقيق آمال الشعوب إيذان بزواله، وما خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي إلا شاهد على ذلك. لا أدعي فهم السياسة فلها أصحاب الكياسة الذين هم أدرى مني بثوابتها ومتغيراتها، ولكني في هذا المقال أدعو إلى تجديد الفكر الديني لمنطقتنا، وثوابت الاعتقاد، لن ينال أحد من أركانها، والعبادات لها فقهاؤها، ولكن مجال الفكر الإسلامي نحن متخبطون فيه في منطقة الجزيرة والخليج العربية.

اسمحوا لي أن أقرب لكم الصورة، فبعد الحركة التجديدية للدعوة الإسلامية التي قادها في منطقة الجزيرة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الذي توفاه الله تعالى عام 1791م، تلك الدعوة لم يكن لها غرض سياسي يذكر، ولكنها جاءت كحراك تصحيحي لتنقية الإسلام من البدع التي ظهرت لما طال الأمد على الناس حيث انتشر الجهل بعد العلم، ولتحقيق ذلك الهدف كانت البيعة المشهورة مع بن سعود حيث كان الحلف الذي حقق أروع إنجاز فكري وتاريخي للمنطقة. بعد تلك الدعوة التي عاش أهل الفكر عليها عقوداً من الزمن بدأت تلوح في العالم العربي دعوات أخرى كحركة حسن البنّا من مصر 1928، لكنها حركة سياسية متلبسة بالتعاليم الإسلامية، وانتشرت تلك الدعوة في مناطق من العالم الإسلامي، ولم تكن منطقة الخليج والجزيرة العربية بمنأى عنها، ولم يدرك كثير من الناس خطورتها إلا بعد أحداث ما يعرف بـ«الربيع العربي»، وهنا وقفة تاريخية صادقة لابد منها، هل نحن في منطقة الخليج والجزيرة العربية عاجزون عن تجديد خطابنا الديني فنعتمد على الأفكار المستوردة، التي هدمت بلادها وأشاعت الخراب وكانت كالسراب، يحسبه الظمآن ماء؟ أما آن لأولى الحكمة وفصل الخطاب، أن ينهضوا ويجددوا الفكر في منطقتنا وفق منطلقاتنا وثوابتنا العقدية والفقهية، متألفين مع قياداتنا التاريخية، التي ترنو لخير البلاد وسعادة العباد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف