جريدة الجرائد

أحمد رمزي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

 سمير عطا الله

 ربما لاحظت جنابك، أننا جميعاً نكون في الثالثة والعشرين ذات يوم. أو الأصح «في يوم، في شهر، في سنة» كما غنى عبد الحليم. وقد صدف أنني كنت في تلك السن بالضبط، عندما دخل رفيقه أحمد رمزي في حياتي، دون أن يدري.

كنت في القاهرة من أجل المؤتمر الآسيوي الأفريقي، أو عدم الانحياز، أو شيء من هذا. ففي تلك المرحلة كانت العاصمة المصرية تستضيف قمم الشعوب الطالعة، الواحد بعد الآخر. ورتبتُ رحلة العمل بأن تصادف رحلة الأمل، وهي الالتقاء بمن كان لا يزال يسمى في أيامنا «الحب الأول»، وهي صفة شعرية عاشت منذ أيام أبي تمام، الذي قال في ساعة أسى، أم ندم، نقِّل فؤادك حيث شئت من الهوى.
ولم أكن آنذاك، قد نقَّلته إلى أي مكان، منذ الثامنة عشرة من العمر. طوال أيام القمة، كانت فنادق القاهرة تعج بالضيوف، الأجانب وأهل البلد. وفتاة الحب الأول كانت من النوع الذي لا يكتفي جمالها بلفت الأنظار، بل بتجميدها حيثما يقع الالتفات.
يبدو أنه ذات مساء، ذات فندق مليء بالأنظار والمنتظرين، وقعت عين النجم أحمد رمزي على الفتاة القادمة من بيروت. كنت غائباً، أجري مقابلة مع زعيم عربي. وتقدم أحمد، بكل نجوميته وضحكاته وشهرته كملاكم، إضافة إلى السينما، يعرض خدماته، والدعوة إلى العشاء. وفي اليوم التالي، قال لي بعض ضيوفه من أصدقائي، إن أحمد كان «مسطولاً» بالضيفة اللبنانية.
تذكَّر أننا قلنا الثالثة والعشرين. وعصر أبي تمام، وجميل وبثينة، والعامرية وهند، وبُرقة تَهمدِ. شعرت بأنني هُزمت، ولم ينفع النفي والاعتذار. وفتشت عن عبد الحليم يغني «توبة، ما بعدها توبة». ومر العمر. ولم يكمل أحمد رمزي طريقه في السينما، فيما غزا رفيقه عمر الشريف شاشات العالم.
وصار أحمد رمزي نادر الظهور. وإذا ما ظهر، بدا عليه أثر السنين وآثار «الثعلبة». و«الثعلبة»، أو «الثعلبايا» في القرى، هي سقوط الشعر وصعود الصلع، كما في الصورة. واللهم، لا شماتة أولاً وأخيراً، وبين بين. ولكن على نحو ما، شعرت بأن ثمة من انتقم من غريمي، من دون الاضطرار إلى مبارزة، أو ملاكمة.
عندما غاب أحمد رمزي العام الماضي، شعرت بحزن حقيقي، كتبت عنه يومها في هذه الزاوية. وقد غاب دون أن يعرف، أو يخطر له أن يعرف، أنه تسبب، دون أن يدري، في كدر الشباب وقدر الحب الأول.
إلى اللقاء...

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف