جريدة الجرائد

سوق عكاظ ما زالت تتجدد وتعرض مسرحية «تماضر»

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

  عمر البدوي 

مثل ضوء ينبجس من أعماق التاريخ العربي، تجدد سوق عكاظ بعد عقد من إحيائها، صلة العرب بأيامهم القديمة، حين كانت ملتقاهم في شهر ذي القعدة من كل عام، يتناشدون الشعر ويتبادلون السلع (واحتفالات إحياء السوق تقام سنوياً خلال الصيف). وكانت عكاظ، التي اختتمت فعالياتها أمس، السوق الأبرز بين الثلاث الكبرى قبل الإسلام، وهي الأولى، تليها «مجنة» ثم «ذي المجاز»، قبل أن تصل الجموع والقوافل إلى الحج.

بعد ١٣ قرناً من التوقف والتحولات، لم يعد العرب كما كانوا، تغيرت ظروفهم، وأصبحت قصائد الفخر نواحاً، ونقائض الشعر التحاماً أهلياً يورد المهالك.

وتعتقد شرائح من رواد السوق، أن في عكاظ بصيصَ أمل يذكّر العرب بالليالي الخوالي التي كانت تلم شتاتهم، لربما كان الماضي دواء أو نداء يدخرونه لمثل هذه الأيام. عادت السوق بفنونها وآدابها إلى الواجهة، يتوَّج شاعرُها بالبردة، ويعود مزهوّاً بلقب «شاعر عكاظ»، على نحو آبائه الأولين.

في نسخة هذا العام، حضرت «تماضر» على خشبة عكاظ، في مسرحية وجدانية تحكي امتداد العلاقة بين الإنسان والأرض، أعدها الأمير بدر بن عبد المحسن.

ويعتمد العمل في حال من الترميز على قصة شخصيتين، أب وابنته. يحتل «الحوار» مساحة واسعة، فيمثل الأب التاريخ والأصالة والتراث والكلمة، فيما تمثل الابنة التطور والابتكار والإبداع، ويمتزجان في روح سوق عكاظ الجديدة لتبث في جسد العروبة الهامد بعض حياة وأمل.

وفي الحوار إشارات إلى التقاء الحضارات حول المشترك الواحد، وهو السير باتجاه الضوء الذي ينتظر في آخر النفق.

قبل 30 عاماً، ذات غفوة قديمة، وئدت فكرة إحياء سوق عكاظ في مهدها، حينذاك قررت مؤسسة رعاية الشباب إحياءها، ودعت أدباء كباراً إلى مؤتمر الرياض، فقرروا تنظيم مؤتمر يشترك فيه أهل الأدب والفن والتجارة، يقام كل صيف، إلا أن الآراء المحافظة تمكنت من إجهاض المشروع. لكن سوق عكاظ ما لبثت أن استيقظت من سباتها الطويل، وهي- كما يرى عضو مجلس الشورى السعودي الشاعر عبدالله السفياني- هوية لغوية ثقافية عربية وقد حان الوقت لتكون مهرجاناً دولياً.

يقول لـ «الحياة»: «الأحرف الأربعة في (عكاظ) تبعث في نفس كل عربي حالاً من الحنين، وهو أمر طبيعي، إذ تحمل الذاكرة في طياتها ملامح الهوية، فمنذ أن زرع العربي الأول لسانه في الفصاحة والبيان وغرق في عالم اللغة وتشكلات المجاز، كانت الأسواق الأدبية مجال العربي يكتب فيه ويقرأ. وبتأمل بسيط يلفت النظر اختيارهم لفظ «السوق» من دون غيرها من الألفاظ المعهودة، كالمنتدى أو الملتقى أو النادي». دلالة ضمنية إلى هدفهم من اللقاءات المحددة زمنياً، وهو تسويق أفكارهم وإبداعهم ولغتهم وعاداتهم وتقاليدهم ومفاخرهم في أجواء تجمع أنحاء الجزيرة، و «عكاظ» هي أبرز هذه الأسواق وأشهرها.

الإشراف على تنظيم السوق هذا العام تولته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.

 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف