جريدة الجرائد

الخلافة: طربوش الباشا وعباءة الإمام

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

علي سعد الموسى  

على قناة «TRT» التركية، وفي بحر تعليقه على زيارة الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان إلى السعودية وبعض عواصم الخليج، يقول المفكر التركي حشمت أوتوكيل، (إن لتركيا دورها ومكانها التاريخي القيادي لهذه المنطقة من العالم، وإن أغلبية كبرى من عرب الجزيرة والخليج بالتحديد ما زالوا يتذكرون أيام الخلافة الإسلامية العثمانية بكثير من الحنين ومن الرغبة الجامحة لعودتها مجدداً....). كلام كثير وكبير نقلت لكم ما استطعت وما يهم بالحرف. أما بالنسبة للتاريخ وأدواره فلا نقاش. 


الأيام دول وصيرورة التاريخ خط طويل مستطيل لا يعود أبداً إلى مربع سابق. يخطئ جداً من يظن أن الشعوب مع كتابة التاريخ مثل الأسطوانة الدائرية التي ستعود لما كانت كما هي أحكام الفيزياء. ولو كنت بجواره في الشاشة لقلت له إن أهل الجزيرة البدو هم من نشر الإسلام من مكة إلى قلب الأناضول، وهم من أعطى كل تركي اسمه العربي الخالص الأول، وفي المثال حشمت، وأيضاً رجب طيب. أشهر ثلاث صحف تركية هذا القرن هي «صباح والحرية والجمهورية» بذات الحروف ونطق الاسم.
أما حديث، حشمت أوتوكيل، عن الحنين العربي الجارف إلى خلافة بني عثمان فهو منه تقدير نسبي لا يعتد به. نعم بيننا من كتائب الجهل فئام شاردة تحمل أوزار التاريخ على ظهورها دون أن تعي أسفاره وتقرؤه على شكل «الدائرة» لا الخط المستقيم. هؤلاء الجهلة تربوا على النظرية الخاطئة... أن التاريخ يعيد نفسه. لا يعلم هذا المفكر التركي أن صورة الخلافة المزعومة في المخيال العريض الواسع لأبناء وطني وعرقي هي صورة «الباشا» الذي حاصر رمزنا المكاني في «الدرعية» والإنساني في «الإمام والشيخ» لستة أشهر، فلم يتركها إلا وقد جمع حوله خمسة آلاف جمجمة، وكان يدفع ستة فرنكات لكل جندي من جيشه يأتيه برأس من قلب الدرعية. كان «الباشا» التركي، وباسم خلافة الأضرحة وتراتيل الصوفية يحاصر الدرعية عقاباً لذنبها التاريخي حين تجرأت ورفعت راية التوحيد الخالصة، وصدعت هذه القرية الصغيرة جهراً بتجديد الدعوة المحمدية. وأنا هنا لست معنياً بفوارق الخرافة أو صفاء منهج التوحيد فـ(للذكر والدين رب يحميهما). أنا معني بحقيقة التاريخ. لو أن الباشا ذات زمن نجح في الحصول على جماجم أبناء «الإمام» ومنذ عهد دولة وطني الأولى لكنا اليوم في تحويلة سوداء من ذات طريق التاريخ، وفي نفق مظلم لا أعلم كيف سيكون شكله ومصيره. هل كان «سيكون» في أسماء أيامنا ورموزنا مثل تركي بن عبدالله أو عبدالعزيز.... لا أعلم. الذي أعلمه جيداً أن شعباً سعودياً ولله الحمد يعرف منذ ثلاثمائة سنة فوارق قدره التاريخي ذات «مفترق طريقين»، مثلما يعرف الفرق ما بين طربوش الباشا وعباءة الإمام.

 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الرؤوس المقطوعة!
زبير عبدالله -

يضطر المرا العودة الى التاريخ،لا لاثارة الاحقاد،فهي كافية في هذه الاجواء المشحونة،وفيه ما يكفي من الكراهية،.لكن ان يجمل احدهم وجهه بتاريخ،كان سببا في تاخر العالم العربي،لاربعمائة عام....تضطر ان ترد عليه كما قلت ايها الكاتب الكريم...اذا عدت الى تاريخ العثمانيين في الهند،تجد ان فيروزشاه التركي ،كان يدفع مكافءة ،لكل من ياتي براس هندي، والنتيجة اجتمع عنده 183000الف راس(ويل ديورانت،قصة الحضارة،الصفحة 870)،وبعده،نسيت اسمه،كان يحتفل ثلاثة ايام متتالية عندما يتم قتل 20000الف هندي(نفس الصغحة)،،،وبالامس القريب،في حملة تركية على اكرادها،عام1988،قطع جندي تركي راسين كورديين،ومسك كل راس بيد،وبعثها لاهله واقاربه،وهم اخوة لهم في الدين...بكل تاكيد تعرف هذا البيت من الشعر.بني يعرب لاتامنوا الترك بعدها،بني يعرب ان الذئاب تصولوا...هذا من مائة سنة وما اشبه اليوم بالغد...