جريدة الجرائد

130 باحثاًً يرصدون الحياة الفكرية في فرنسا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

 أحمد عثمان (باريس)

الحياة الفكرية الفرنسية المعاصرة متعددة وثرية، لكن لا يمكن اختصار أي حياة فكرية في معرض من الصور الفكرية الكبيرة، ولا في حكايات ملحمية عن معاركها. على أي حال، الحياة الفكرية لا تتحدد فقط بالأفكار السياسية، ولا بالتيارات الأدبية الكبرى ولا بالمذاهب الفلسفية، إذ تتضمن أيضاً عالم العلوم، الآداب والفنون كما الأيديولوجيات المناضلة أو المذاهب الدينية في آن معاً. وفي هذا الشأن، صدرت قبل أسابيع قليلة عن مطبوعات «سوي»، مقاربة كرونولوجية عن تاريخ «الحياة الفكرية في فرنسا»

La Vie intellectuelle en France: tome I، Des lendemains de la Révolution à 1914 ; tome II، De 1914 à nos jours. Sous la direction de Christophe Charle et Laurent Jeanpierre. Éditions du Seuil

سطرها مائة وثلاثون باحثاً تحت إشراف كريستوف شارل ولوران جونبيير، في جزأين يتجاوز عدد صفحاتهما ألف وخمسمائة صفحة.

لم يتحقق هذا العمل لتغليب تيار فكري على آخر. طموح كتابته وقراءته لا يختزل بعرض معرفة ظاهرية أو تمييزية. رفقة 130 محرراً أكاديمياً متخصصاً، الحياة الفكرية في فرنسا عمل مهم رغماً عن بعض النقائص الراجعة إلى كبر موضوعه كما إلى «تقادم» الأرشيف قياساً إلى الوقت الحاضر.

آخر كتاب تناول هذه الفكرة يرجع إلى العام 1961، عنوانه «الحياة الفكرية في فرنسا من القرن السادس عشر إلى العصر الحالي» لـ«بيير باريير». طبقاً للمبادئ الكلاسيكية لبلاد رينيه ديكارت، ينظر إلى الكتاب على اعتبار أنه نتاج رجل واحد. وكتابنا الحالي «الحياة الثقافية في فرنسا»، الذي أشرف عليه كل من كريستوف شارل ولوران جونبيير، عمل جماعي. يبدأ العمل بغد الثورة الفرنسية وينتهي بيومنا الحالي.. وتم تقسيمه إلى أربع مراحل، كل جزء احتوى على فترتين منهما، على هذا النحو: الجزء الأول «عصر النبوءات» (1815-1860)، «عصر التكتلات» (1860-1914)، بينما احتوى الجزء الثاني: «عصر الصراعات» (1914-1962)، «عصر الأزمات» (1962 إلى يومنا الحالي). هذا التقسيم الذي يغطي بعض التواريخ الكلاسيكية يمتلك مزية الإمساك ببعض اللحظات الانتقالية كما لحظات القطيعة.

هناك نقطة مهمة: تتمثل مزية تناول «الحياة الفكرية» بدلاً من تناول «الأفكار» في تحاشي التاريخ البطولي للشخصيات، وذلك للتركيز على المسعى الاجتماعي لإنتاج الأفكار. واختيار العام 1962 كمدخل إلى المرحلة المعاصرة يسمح أيضاً بتحاشي بعض «التوهمات الإعلامية» وإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي، ومع ذلك لا يتحاشى هذا المنهج الوقوع في شراك شيء من «عتامة» بنية التكوين الاجتماعي المرتبط بالثورة المحافظة النيوليبرالية التي تعاني منها الحياة الفكرية الفرنسية الحالية. ولهذا يتأسف البعض على تهميش دور الفكر الاقتصادي في هذه المرحلة، على الرغم من دراسة كريستيان لافال اللامعة التي تضمنتها صفحات الكتاب.

ومع ما سبق من ملاحظات إلا أن الكتاب، في قسميه، يكشف الغطاء بذكاء وفطنة عن المعرفة المعاصرة لهذه الحياة الفكرية الفرنسية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف