طريق للنور خارج مسار السياسة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
فاتح عبد السلام
نهضة الحياة الاجتماعية في العراق ، لاسيما في بغداد كفيلة في انهاء العنف والاقلاع عن التفكير بالسلاح . اعلم ان ذلك وحده لايكفي لمهمة شاقة مثل اعادة السلم الاجتماعي تحت مصابيح التنوير الفكري ، كما اعلم ان ذلك يحتاج الى فترة زمنية طويلة
. لكن متى نبدأ ؟ ،وما هي الجهات التي تفكر في اغناء الحياة الاجتماعية التي تعني بالضرورة اغناء حياة الفن والثقافة والصحافة والادب . انتشار وسائل الاعلام وهذا الكم الهائل من الفضائيات لم يساعد على انتشار القراءة ولم يدل الناس على كتاب ذي قيمة في اي صنف من المعرفة . كما اختفت دور السينما من الوجود، وبقي المسرح مثل الشبح يظهر في مناسبات ويختفي . أما معارض الفن التشكيلي فلا تزال في حدودها الدنيا بالرغم من ان العراق موطن الفن التشكيلي العربي بلا منازع ، وكلما اشتهر فنان خطفته الهجرة وترك بلده لأسباب متشابهة يجمعها غياب البيئة الحاضنة للابداع والفن والعلم والمعرفة والادب . وزارات الثقافة المتعاقبة في العراق كانت كلها فاشلة ، غارقة في الفشل . والمهمة التي أتحدث عنها هنا تعجز وزارة الثقافة عن ادائها لأنها مهمة تضامنية في المجتمع . سألت اساتذة جامعات قبل سنتين عن مدى ارشاد طلبتهم وحثهم على متابعة الصفحات الثقافية والفنية في الصحف والمجلات فاكتشفت انّ الاساتذة أنفسهم ليس لهم سبيل الى صحيفة منذ سنين . طلبة الجامعات العراقية ،وهم في سنة التخرج ،يجهلون اسماء شعراء او روائيين أو كتاب قصة ومسرح لهم ثلاثون سنة في النشر والابداع . لا يعرفون احداً ممن لم يظمهم المنهج الدراسي المقرر الفقير عادةً .
الاعلام العراقي التلفازي سياسي ومسيس بامتياز ، هناك صحف تلعب دورا ثقافياً لكنها لا تزال تدور في اروقة النخب ، وتحتاج الى ان تدخل كل مدرسة ومعهد وجامعة فضلاً عن البيوت .
ازرعوا امل التغيير في بنية المجتمع مع تشجيع حب القراءة وحب اقتناء الكتب ، كما كان الكتاب من اجمل هدايانا في طفولتنا في المدارس أو البيوت . هناك نقطة صغيرة يجب أن نبدأ منها ، ثم نرتقي ، بدل ان نبقى تائهين ، والظلام يلفنا ونقاط الضوء كلما ظهرت بيننا غيبها الظلاميون أو هجرت البلد .
الانظمة السياسية التي تعاقبت على العراق منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة مطلع العشرينات فشلت في ترسيخ حياة سياسية لها قيمة ، لكن كان هناك الى جانبها حياة عامرة من المفكرين والادباء والفنانين والصحافيين والسينمائيين والمسرحيين والعلماء والمربين . اخشى ان لا نستطيع الحفاظ على القلة القليلة والنادرة احيانا من بقاياهم ونسلهم الابداعي .