في «محنة» إيرانية..
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
علي نون
الصحوة الشيعية العراقية إزاء تدخّلات إيران لا تزال في بداياتها. لكنّها حتى في هذه البدايات، تدلّ على خلاصة وطنية – عروبية – دينية تؤسس لنقض وتقويض كُلِّ ما بنَتْهُ دولة «الولي الفقيه» فوق خرائب بلاد الرافدين على مدى السنوات الماضية.
وهذه خلاصة، ستكتشف طهران شيئاً فشيئاً، أنّها الأشدّ خطراً على مجمل مشروعها «الهلالي». وطموحها الى دور محوري في المنطقة أساسه المعطى المذهبي. وسيدفعها الى محاولة استنباط أساليب ووسائل وشعارات لمواجهتها من خارج مدوّنتها المألوفة، السياسية والدينية (المذهبية) والأمنية والإرشادية و«الاستشارية»!
من يصحو من غفلته عن أدائها في العراق، هم أسياد المذهب! و«حلفاء» الأمس! وأهل «المراقد المقدّسة»! ومصدر التقليد! وأساتذة الفقه الجعفري! وأحفاد المراجع! وحافظو المدوّنات والموروثات النصّية والأدائية! و«الشرعيّون» الذين لا يُناقش فرادتهم الشرعية، عراقي واحد! وأبناء العوائل التي تآخت مع الفقد والاستهداف جيلاً وراء جيل!
هؤلاء حضنتهم إيران، أيام حكم «البعث» ثم استخدمتهم. إستفادت منهم واستفادوا منها! لكنّها (للمفارقة) زادت في الغلوّ حتى انفلقت! إعتبرتهم طوع بنانها! وخدّام أهوائها! وخرطوش مدافعها! وجنوداً، مجرد جنود، في «ولايتها»! بل مجرد أتباع يدينون لها بالبقاء والنقاء! وإنهم من دونها لا وجود لهم، ولا حيثيّة، ولا تاريخ ولا جغرافيا، ولا نفوذ ولا صيت ولا تأثير ولا دور!
هؤلاء ليسوا «حبّتين»! ولا يمكن طهران، أن تضعهم في خانة «الأغيار»! ولا اتهامهم بالعمالة للمحتل! أو تنفيذ أجندة تآمرية! أو تشكيل «بيئة حاضنة للإرهاب»! أو بكونهم «أبواقاً مأجورة»!.. لكنها تستطيع، على ما تفعل واقعياً، أن تحاول تشويه مراميهم، والطخّ على مسعاهم «الانتخابي»! والذهاب الى التشكيك بمواقفهم السياسية أكانت تتصل بالداخل العراقي أو بالخارج العربي!
.. وتفعل ذلك بالواسطة وليس مباشرة! وتترك لخدّامها وحواشيها وأتباعها في لبنان تحديداً، تلك المهمة المربكة! والمحرجة! وتثق بأنّ هؤلاء الأتباع اختصاصيون في التبعيّة، وفي الاستطراد الولائي: إذا طُلب منهم شبر أعطوا متراً! والاستمارة عندهم حاضرة. وتعبئة الفراغ فيها أمر تلقائي وتلقيني. ولا تهمّ هوية المطلوب إدراجه في خانة المتآمر أو العميل أو الخائن أو الموبوء! المهم صدور التوجيه أو الفتوى، والباقي سهل «سهولة» التدرّج من العداء لإسرائيل وداعميها، الى العداء للعربي والمسلم الأكثري.. وصولاً الى «أهل الدار»!
على أنّ محنة طهران هذه مع أهل البيت العراقي فيها فرادة غير مسبوقة: خارجية كيانيّاً، وداخليّة مذهبيّاً.. وخطورتها أنّها قابلة للتمدد في وضع داخلي إيراني تام ومهيّأ تبعاً لتأشيرها فعلياً الى بدء تهافت وهريان نظريّة تصدير «الثورة» الى الخارج للتغطية على مشاكل الداخل وترسيخ النظام. ولدلالتها الفصيحة على أنّ تجربة العقود الأربعة الماضية، كانت مزدوجة الفشل ولا يُعتدّ بها! إلا إذا أخبرنا الأتباع غداً، أنّ مقتدى الصدر وعمار الحكيم وقاسم الأعرجي، وحتى رئيس الوزراء حيدر العبادي وغيرهم، ليسوا سوى رؤوس حراب «مؤامرة أميركية – صهيونية» عظمى لإسقاط «الولاية» من داخلها! وإجهاض ريادة «أمّة الإسلام المحمّدي الأصيل».. وحينها، لا حول ولا قوّة إلا بالله!!