المشروع العربي الذي تقوده السعودية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
جاسر عبدالعزيز الجاسر
التحدي الذي تتعرض له المملكة سواء من الصفويين أو أذرعتهم الإرهابية مهما اختلفت التسميات من داعش إلى حزب الله إلى الحشد الشعبي، عجلت بإطلاق طاقات الإبداع الإنساني والفكري إذ استثمرت القيادة المواهب والقدرات من الشباب النابهين لاستثمارها وتوظيفها التوظيف الأمثل لإطلاق نهوض حضاري بدأ يتجسد على أرض المملكة ونلمسه من خلال تلاحق المشروعات والإنجازات التي سيؤدي تراكمها إلى بناء حضاري متميز في توافق مع ظهور وتنامي الحضارات التي تقوم على دعامتين؛ الأولى تحد شمولي يتهدد الوجود ويبعث القوى في بؤرة التحدي، والثانية التلاقح الإيجابي الذي يلتقط الطاقات من حوله ليمزجها بطاقاته المنبعثة في بؤرة التحدي ليصل إلى منتج مركب واحد متجانس وإن كان متعدد الروافد وهذا بالضبط ما تشهده المملكة العربية السعودية التي تقود حراكاً عربياً فكرياً وعملياً لمشروع عربي متكامل العناصر من فعل سياسي مؤثر وحضور فكري وإعلامي يتفاعل مع ما يجري حولك من تفعيل للقوة واستثمارها لنصرة الحق والدفاع عن حقوقك وحقوق أشقائك ممن يشاركونك المصير.
هذا الفعل السعودي الفكري والعملي أسكت ما كان يتردد عن غياب المشروع العربي، الذي كان فعلاً غائباً، مما جعل قوى دخيلة لا تملك من المقومات ما يوازي ما تمتلكه الأمة العربية ودولها، وهي حقيقة علمية لا يمكن تجاهلها، فمن لم يكن له مشروع لا بد وأن يكون ضحية لمشروعات الآخرين.
في البداية كان العرب ضحية للمشروع الانجلوساكسوني، وبداياته كانت في المشروع البريطاني الفرنسي الذي جزأ الأمة العربية إلى أجزاء ونصب الحدود بين أهلها، وزرع أول زرع سرطاني في قلب الأمة من خلال فرضه الكيان الإسرائيلي.
وواصل المشروع الانجلوساكسوني توغله داخل الواقع العربي جغرافياً وحتى وجدانياً واقتصادياً ليتعزَّز بالحضور الأمريكي الذي عوّض الضعف البريطاني والفرنسي لينتج عنه المشروع الأمريكي الصهيوني الذي ساعد على تراجع القوة العربية وزيادة الضعف العسكري والسياسي وحتى الاقتصادي، وأدت الاجتهادات الفكرية السياسية والاجتماعية التي تبنتها أنظمة الانقلابات العسكرية إلى مزيد من التدهور والضعف وتشرذم الأمة، من خلال استيراد أفكار ونظم من خارج الفكر العربي الإسلامي، وثانياً تبني تلك الأفكار والنظم مما أوقع العديد من الدول العربية في دائرة الاستقطاب والتبعية وهو ما غيّب تماماً أي مشروع عربي.
كل هذا وتطوع قيادات عربية لخدمة مشروعات الغير، سوى العمل ضمن مشروع الفوضى المنظمة أو التبعية الطائفية إلى تهيئة الأرضية العربية لإطلاق مشروعات أخرى إلى جانب المشروع الأمريكي الصهيوني الذي أبرم تحالفات وإن لم تعلن مع قوى إقليمية على حساب العرب وهو ما فعلته الإدارة الأمريكية في عهد أوباما لتبدأ مرحلة تجسد المشروع الصفوي الذي ظهر أكثر خطورة وتهديداً للوجود العربي، فإذا كان المشروع الأمريكي الصهيوني يحصر اهتمامه بقطر عربي وهو فلسطين، فإن المشروع الصفوي يستهدف تكوين إمبراطورية فارسية على حساب الدول العربية، والبداية كانت من لبنان فسوريا والعراق وكان المشروع يستهدف الأردن واليمن والبحرين وباقي دول الخليج العربي وصولاً إلى المملكة العربية السعودية، لأن هدف الصفويين هو مكة المكرمة والمدينة المنورة وخيرات المملكة العربية السعودية.
هذه المخاطر وحجم التهديد الخطير الذي يستهدف الوجود والهوية أطلق روح التحدي وأيقظ الهمم والفكر لدى القيادة السعودية التي وجدت في شبابها ورجالها ومفكريها الروح الوثابة والتحدي لمواجهة المشروعات الأجنبية التي تستهدف الأمة، والبداية كانت مواجهة المشروع الصفوي الأكثر خطورة والأكثر تهديداً للوجود والهوية العربية، وقد تابع المحللون والمفكرون بوادر وتباشير المشروع العربي الذي أطلقته القيادة السعودية منذ بدء عاصفة الحزم التي لم تكن وليدة اللحظة بل سبقتها خطوات وإعداد فكري وعملي لبناء القوة والحضور الدولي السياسي والاقتصادي.