جريدة الجرائد

دولة الكرد!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

 محمد الرميحي 

خلف الأبواب في العواصم المحيطة بالعراق، القريبة والبعيدة، هناك مجموعات تدرس موضوعاً واحداً هو محاولة الإجابة عن سؤال مركزي يخص مجتمعات تلك الدول ومصالحها، السؤال هو: هل عراق موحد، وإن شاء الله ديمقراطي نسبي، هو الأفضل في جوارنا، أم عراق مقسم إلى أقاليم - على الأقل ثلاثة؛ الكرد في الشمال، السنة في الغرب والشيعة في الجنوب؟ وتتراوح الإجابات عن تلك الأسئلة باختلاف مصالح ورؤى وتمنيات تلك الدول.

واضح من قراءة الأحداث أن القيادة الكردية في كردستان العراق قد اتخذت قراراً، حتى الآن، لا رجعة عنه، كما فعلت عام 2014 أن تسير في ترتيباتها لإقامة استفتاء عام بين سكان إقليم كردستان العراق هذه المرة دون خضوع لضغوط تشابه ضغوط 2014، سوف يسأل السكان فيما إذا كانوا يفضلون الاستقلال كدولة، أو الانتماء إلى عراق موحد؟ لا داعي لضرب الودع أو الإغراق في الخيال، الإجابة في الغالب أن هناك أغلبية مريحة من أجل الاستقلال. السيد مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق منذ 1992، يبدو أنه يقرأ كتاب السيد نيكولا ميكافيلي (الأمير)، الذائع الصيت والصادر في أوائل القرن السادس عشر ميلادي، كانت نصيحته للحاكم، أن يكون الأسد والثعلب في الوقت نفسه، الأسد لإخافة الذئب، والثعلب لتفادي الفخاخ! بارزاني الآن، يفاوض بغداد من أجل الحصول على أكبر مجموعة من التنازلات، خصوصاً في توسيع جغرافيا الإقليم الكردي إلى مناطق تسمى عادة (متنازع عليها) بما فيها من مصادر الثروة، وهو في الوقت نفسه يتوخى الفخاخ السياسية باختبار التوقيت المناسب تماماً لانتزاع أفضل ما يمكن الحصول عليه من (سيادة)، فالسلطة الرسمية العراقية منقسمة على نفسها، خاضت وتخوض حرباً مكلفة مع «داعش»، وتتعدد لديها القوى ليس السياسية فقط ولكن حتى العسكرية، والقوات الكردية أسهمت في الحرب، وساعدت على طرد كثيرين من المتشددين، فهي تستحق أن تجازى! الرغبة الكردية في الاستقلال ليست جديدة، فقد حصل الأكراد، بعد حرب طويلة مع نظام البعث العراقي على (حكم ذاتي) عام 1970 كان وقتها حزب البعث العراقي يحاول توسيع سلطته والتغلب على خصومه في الداخل، ولديه معارضون أقوياء وقتها، فأراد أن يتفرغ لهم لبسط سلطته الكاملة، ويحيد الأكراد، فأعطاهم حق الحكم الذاتي، على أن يعود لهم عندما تستقر له الأمور، وهذا ما تم، فبعد أن أصبح الحزب القائد، عاد مرة أخرى لحرب الأكراد متنكراً لما وقع عليه. في المقابل انتظم الأكراد في حلف مصلحي مع إيران التي كان يحكمها الإمبراطور محمد رضا بهلوي، الذي وجد أن إزعاج خصمه في بغداد هو أمنية تتحقق من خلال الأكراد، كانت مصالح مشتركة، سرعان ما باع الشاه القضية الكردية، عندما قدم له صدام حسبن في الجزائر عام 1975 (وجبة) لا يستطيع رفضها، هي الجزء الذي كانت تحلم به إيران في شط العرب، وهكذا بقي الأكراد (سلعة) في سوق المناورات السياسية، وما أن اندلعت الحرب العراقية الإيرانية، بعد سقوط الشاه في طهران، حتى شنت السلطة البعثية العراقية حرباً شعواء على الأكراد، كانت قمتها مذبحة حلبجة، التي استخدمت فيها الغازات السامة. النتيجة النهائية المهمة أن الحكم الذاتي الذي أعطي للكرد عام 1970 الذي ظنه نظام البعث أنه مناورة مؤقتة، ظل قائماً وتأكد بعد سقوط النظام البعثي أولاً في الدستور الجديد، وثانياً في العلم الكردي والاستقلال المالي، ذلك هو الدرس الأهم في القيمة المعنوية للاستفتاء المقبل في سبتمبر (أيلول)، أمام العالم أغلبية في الإقليم تصوت بشكل حر على (الاستقلال)، يصبح ذلك التصويت الحجر الآخر (بعد الحكم الذاتي) في طريق طويلة لدولة كردية، مع فارق مهم هو أن السلطة العراقية في بغداد لا تملك حتى جزءاً من السلطة التي كان يملكها البعث وقت توقيع اتفاق 1970.


على مقلب آخر، فإن الكرد وجدوا أنفسهم حلفاء دون حليف بعد سقوط نظام البعث عام 2003، سُلموا موقع (رئيس الجمهورية) المنزوع السلطة، كما حصلوا على بعض المقاعد في الوزارات، سرعان ما جردوا من أهمها وحتى دون احترام، كما حدث للسيد هوشيار زيباري بخروجه من الوزارة متهماً بالفساد! تشتت السلطة العراقية في بغداد له شواهد كثيرة، فالكرد يشعرون بقلق حقيقي حول تقوية وتعضيد (الحشد الشعبي) وهو قوة عسكرية ضاربة مكونة من لون طائفي واحد، عدا التصريح الصارخ الذي نقل عن السيد حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، أن (الحشد الشعبي باق تحت سلطة الحكومة والمرجعية)! أي تحول السلطة المدنية إلى شبة (ثيوقراطية) شبيهة بالجارة إيران! لا يعتمد قيام الدولة الكردية المقبلة فقط على قدرة القيادة الكردية في المناورة، لا على ضعف الدولة العراقية المركزية التي تشتت القرار فيها، لكن أيضا تعتمد على رضا أو ضعف اللاعبين الآخرين، إيران، سوريا، تركيا. ربما الدوائر الإيرانية، إن ضمنت امتناع الدولة الكردية المقبلة في كردستان العراق عن مساعدة أو تعضيد أي حركة كردية لدى أكراد إيران، فهي في حساب المصالح، تفضل أن تحصل على العراق دون الأكراد، المثيرين للشغب، وأصدقاء الولايات المتحدة، وقتها يمكن التحكم في معظم ثروات العراق وسكانه، بل وإشاعة الحكم الثيوقراطي الإيراني ولو بطبعة عراقية! سوريا ربما يأخذ أكرادها في نهاية الأمر طريق أكراد العراق، على الأقل في حكم ذاتي، قد يتطور إن سمحت الظروف، العقدة في تركيا التي ترى وجود دولة كردية على حدودها الجنوبية مشجعاً لكردها الذين يطالبون منذ فترة طويلة بحكم ذاتي على الأقل! مسعود بارزاني (الأسد والثعلب) يمكن أن يطمئن الجانب التركي، وقد فعل بمخاصمته لنشاطات حزب العمال الكردستاني علناً، كما قدرة تركيا، أخذاً بالتطورات الصعبة في الداخل، شبه معطلة، كي تخدش بها المسير إلى الاستقلال للكرد العراقيين! الولايات المتحدة، تتمنى على مسعود بارزاني تأخير الاستفتاء لا إلغاءه، وقد رد، إن لم يكن الوقت الحالي مناسباً، فمتى الوقت المناسب؟ محاولة ذكية لاستصدار رأي من واشنطن قد يكون ملزماً في المستقبل، ويضاف إلى الحجج المتراكمة، إن هي اقترحت وقتاً آخر للاستفتاء، والاقتراح بحد ذاته إن حدث هو اعتراف بأحقية الإقليم بالاستقلال. إلا أن الطريق إلى الاستقلال الكردي ليست مفروشة بالزهور، فهناك تحديات أمنية واقتصادية سوف يواجهها الإقليم، قد يكون من بينها حرب جديدة، هذه المرة تأخذ العراق إلى قاع غير مسبوق من الصراع، تصبح معه تحرير الموصل، لعبة صغيرة.

بغداد خيارتها قليلة أيضاً وتضيق في طريق استيعاب الكرد، فهي تحتاج إلى استراتيجية من ثلاثة عوامل لتحقيق ذلك الاستيعاب؛ أولاً يجب أن تقلص ومن ثم تذويب الحشد الشعبي في القوات العسكرية العراقية، ذات التعدد المذهبي والقيادة المركزية المهنية، وإبعاد قوى التشدد في قياداته إلى التقاعد، ووضع أفراده على قاعدة الاحتراف، لا التبعية، وثانياً تقليص ومن ثم التخلص من النفوذ الإيراني، الآيديولوجي والعسكري، ثالثاً بناء فضاء سياسي قريب إلى الديمقراطية! وهي ثلاثية صعبة، إن لم تكن مستحيلة، أخذاً بالوضع الحالي في بغداد. على صعيد آخر فإن العواصم التي ترى أن عراقاً شبه ديمقراطي وموحداً هو الأكثر تفضيلاً للأمن الإقليمي، عليها أن تتدخل وتساعد القوى المختلفة ومن بينها الكرد أنفسهم للانفتاح على العواصم الإقليمية للمساعدة في تجنب الطريق الأخطر.
آخر الكلام:
نشرت المجلة الملحقة بجريدة «الصنداي تايمز» اللندنية الأحد (6 أغسطس/ آب الحالي) تقريراً عن التعذيب في سجون النظام العراقي القائم، به صور وأرقام، تعيد من جديد فكرة أن المضطهدين يتعلمون من جلاديهم أسوأ عاداتهم!!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
امران احلاهما مر!
زبير عبدالله -

الاحتمالين الذي وردتهما مر على مذاق ايران وتركيا،اذا قامت جمهورية عراقية ديمقراطية(وهذا استصعبته انت ايضا),في شرحك،يعني خروج ايران وانهاء السيطرة الايرانية،واين وقتها الاسد ،وحزبالله ؟وكل هذه الارواح والخسائر الايرانية،واين تذهب كماشتها لتطويق السعودية،وهذا ايضا مستحيل القبول به ايرانيا،وخاصة بوادر الصدر،والحكيم للخروج،من تحت عبائة الطائفية،وما ذا تبقى لتركيافي العراق من وجهة النظر نفسه،والديمقراطية معدية وهنا اين يذهب اردوغان والملالي،وبماذا يتشدقون؟.الاحتمال الاخر اكثر مرارة،تقسيم العراق!..اذا انتشر العدوى يعني ايران امام اقاليم ،ايضا! عربستان ،كوردستان ،بلوجستان،اذرستان،تركمانستان،،،والرحمة على فارسستان...وتركيا هي الاخرى ،كوردستان الشمالية،مذاقها طعم العلقم عليها،ومن هنا الابقاء على تسمية الب،ك،ك ،ارهابيا لهضم حق شعب تعداده عشرين مليونا،،،ولاتزال في عقولهم الطورانية كيفية القضاء عليه...واين مشروع اردوغان العثماني،وقفزه الى قطر،واين تذهب السيناء بدواعشه،وهو ايضا حاطط عينو،على مكة...نترك السعودية فهي لاتزال على قاعدة اكرمكم عندالله اتقاكم،مع انو اكثر الذين يلدغون السعودية ،يعتبرون انفسهم اتقياء...الاردن هذا رايي! تقبل بخبزنا كفافنا...لم تقل انت ماذا تفضل،وايهما افضل للكورد،انا افضل،وكتبت هذا في تعليق،في صفحة الراي،مقال لامير سعودي:تحالف وخطة لمستقبل اكثر امان للسعودية وللكورد،ولاسرائيل...اذا اتت تركيا الى قطر فلماذا لاتذهب السعودية الى ديار بكر(امد)،واذااتت ايران الى صنعاء فلماذا لاتذهب السعودية الى الاهواز،ومهاباد...

العقدة
كردي -

قضية الشعب الكردي عقدة لهذه الدول من إيران و تركيا و العراق و سوريا لأنهم يأتون بخلق ينهون عنه! فحب السيطرة هو ما يحكم سياساتها و لكنها تنكر ذلك و تلوم الشعب الكردي على مطالبه و تتهمه بالعمالة تارة و نكران الجميل و تارة ينكرون وجود القضية الكردية من أساسها! إن لم تتغير هذه العقلية فستيل المزيد من الدماء! و الكرة في ملعب هذه الدول و يجب عليهم الإعتراف بأن هناك شعب كردي و قضية كردية و أن لهذا الشعب الحق في الحرية و الانعتاق فإما دولة جامعة لا قومية لكل هذه القوميا و هو أمر صعب حالياً إن لم يكن مستحيلاً أو دولة كردية مستقلة و بذلك تحقن الماء! أما الأسطوانة المشروخة عن المؤامرة و الصهيونية فلن تنفع و شكراً لكم أستاذ محمد الرميحي

الكاتب نسي نفسه
pkmp -

مع الاسف ، بين الحين والاخر، يخرج علينا كتاب في موقع ايلاف او في صحيفتي الشرق الاوسط او الحياة ، السعوديتان او في بعض صحف السعودية ، وقطر والامارات ، يتحدثون عن العراق ، ويكررون ، ما تنشره في بعض الاحيان الصحافة الصهيونية ، ويضيفون عليها افكارا طائفية مقيتة ، والاسف هو ان الكتاب ، يدعون انهم عرب اقحاح ، وقسما منهم يدعي عودة العراق للصف العربي ، وكان العراق غير عربي وهم الاعراب ... وما ذكره الكاتب الرميحي ، يشير الى انه ضيق الافق ، ويتحدث ، بتمني ، عما يسمى باستفتاء الكرد ، ويريدون الانفصال . واعتقد انه لا يفقه امورا في العراق ، ان الدستور الذي صوت لصالحه كل الشعب العراقي ، بما فيهم الكرد يقول العراق دولة اتحادية فدرالية ، والكرد لهم اقليم ، وله مناصب سيادية ، لهم صلاحيات اقرها الدستور والقوانين العراقية التي اقرها مجلس النواب الذي للكرد نواب فيه ، رئيس الجمهورية كردي ، ووزراء ونواب وسفراء ووكلاء وزارات اكراد ومدراء عامون وكبار موظفي الدولة اكراد... وتلك المناصب الرفيعة ، حسب الدستور ، يقوم من يتولاها باداء القسم الدستوري والقانوني ، الحفاظ على وحدة وسيادة الاراضي العراقية ،واذا اراد الكرد الانفصال فيجب عليهم ان يعملوا على تعديل دستوري ، الذي كانوا يرفضون ذلك باستمرار ... ومع ذلك اذا يريدون الانفصال ولهم حق مشروع بذلك كشعب ، ولكن وفق الاصول والدستور وليس بالعنجهية التي يراها مسعود البرزاني وبعض قادة الكرد الشوفينيين العنصريين ... فليذهبوا الى دولتهم والى غير رجعة وبحدود محافظاتهم الثلاث دهوك واربيل والسليمانية ، ولا ملم واحد اكثر ... واعود الى السيد محمد الرميحي ، لقد غلفت مقالك بشان الكرد ، بغلاف طائفي ومريض ، وضعت نصب عينيك ، الحشد الشعبي ، اولئك الرجال الذين وضعوا ارواحهم فداء لتحرير الارض العراقية التي اغتصبها الارهابيون العرب من بلدك وبلدان الخليج او باموالهم وبمساعدة تركيا وغيرها من الدول التي سيحاكمها المجتمع الدولي قريبا ، ان اولئك الرجال الشجعان هم من حرروا العوائل التي كان يغتصبها المجرمون الارهابيون في الموصل والانبار وصلاح الدين وغيرها ، واين كنت من ذلك والان تتحدث عن الاشرف منك يا الرميحي ، اذا كنت تبحث عن ما يكتب بالصحافة الاجنبية فاذهب عما يكتب فيها من اخبار مؤلمة عن بلدك ودول الخليج ، ومعاناة الشعوب فيها من حكامهم وسيطرتهم على ثروات البلدان والتصرف

ممنوع اقامة اي دولة كردية
في شرق تركيا/ ارمينيا -

ممنوع اقامة اي دولة كردية في شرق تركيا / ارمينيا الغربية المحتلة والمعاهدات الدولية سيفر 1920 مثلا رسمت حدود ارمينيا الدولية مع تركيا ان اي تحرك كردي في اراضي ارمينيا الغربية وارمينيا الصغرى المحتلتين سيواجه بتسونامي ارمني هجوم كاسح يقلع المستوطنين الاكراد احفاد مجرمي الابادة الارمنية والمسيحية 1878 - 1923 من اراضينا المحتلة مرة واحدة والى الابد كما فعلنا مع التتار محتلي كاراباغ الارمنية 1988 - 1994 واللي يرفض او يقاوم يواجه الابادة يا احفاد مجرمي الابادة الارمنية والمسيحية