جريدة الجرائد

لماذا نعتدي على العالم؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

 غسان شربل 

كلما دوّى انفجار في مدينة في العالم يتكرر المشهد نفسه. أخرج إلى قاعة التحرير. أرى الأنظار شاخصة إلى الأخبار العاجلة على الشاشات. وأسمع همهمة زملائي. المهم ألا يكون المرتكب عربياً. المهم ألا يكون المرتكب مسلماً. لا نحتاج إلى المزيد. أسمعهم وأشاركهم تمنياتهم. لكن الأحداث سرعان ما تكذّب تمنياتنا. لم يعد سراً أن الاعتداء على العالم اختصاص مروع نتفرّد به وبات من اختصاصنا.
أعرف تماماً أن الرجل الذي دهس السياح هنا أو هناك لا يمثل البلد الذي جاء منه. ولا الطائفة التي ينتمي إليها. وأنه لم يحصل على إذن رسمي بارتكاب جريمته. وأنه مطلوب للعدالة في بلده قبل أن يكون مدرجاً على اللوائح الدولية للمطلوبين. وأن خطورته على مسقط رأسه تفوق خطورته على مسرح الجريمة البعيد.
أعرف أن التعصب ليس حكراً على أبناء منطقة أو طائفة أو بلد. وأن الموتورين أبناء ينابيع كثيرة ومختلفة. لكن علينا الاعتراف بلا مواربة بأننا أصحاب الأرقام القياسية في الاعتداء على العالم. وأننا حجزنا موقعاً لا يقهر في موسوعة «غينيس».
أنا لا أبالغ عزيزي القارئ. مشهد السياح ينزفون حتى الموت بفعل ارتكاب وافد من عالمنا يوقعني في ارتباك شديد. لا أعرف لماذا أشعر بواجب الاعتذار. لعائلة صيني صودف وجوده في برشلونة. أو ياباني خطر بباله أن يتنزه في نيس. أو ألماني ارتكب زيارة للأقصر.
هذا رهيب. من أعطانا حق استباحة الخرائط والدول والمدن؟ من أعطانا حق اغتيال شبان يحتفلون بالحياة في إسطنبول؟ ومن أعطانا أصلاً حق اغتيال المقيمين في البرجين في نيويورك؟ التذرع بظلم لحق بنا هنا أو هناك هو مجرد ستارة لإخفاء شهوة عميقة في قتل الآخر المختلف. رغبة عميقة في شطب من لا تتطابق ملامحه وانتماءاته مع ملامحنا وانتماءاتنا. ولنفترض أن ظلماً حصل؛ فهل نعالجه بإلحاق ظلم أشد بأبرياء؟ إن الحديث عن كره العالم لنا ليس صحيحاً. لا يمكن إنكار ممارسات مسيئة محدودة تحدث في الغرب أحياناً رداً على ممارساتنا الفظة، لكنها لا ترتقي بالتأكيد إلى مستوى ولائم القتل التي ننظمها على مسارح مختلفة ومتباعدة. ومن يعرف الغرب يعرف أن للقانون هناك سيادة وأولوية يستفيد منها حتى دعاة الكراهية. ويعرف كثيرون أن الجاليات العربية والإسلامية تتمتع في أوروبا بحرية تفتقد إليها في أحيان كثيرة في بلدانها الأصلية.
لماذا نعتدي على العالم؟ هل لأنه اختار الإبحار نحو المستقبل فيما تمسكنا نحن بالإبحار نحو الماضي؟ هل لأنه اخترع الطائرة التي نسافر فيها؟ والسيارة التي نستقلها؟ ودواء السرطان الذي نستخدمه في مستشفياتنا؟ ثم ما صحة هذه الكراهية للغرب ونحن نشتهي أن نرى أبناءنا وأحفادنا يتخرجون في جامعاته؟
لماذا نعتدي على العالم؟ هل لأننا فشلنا في بناء دول حديثة؟ وفي تحقيق التنمية؟ وفي توفير فرص العمل؟ وفي ضمان الحريات وتركيز حكم القانون؟ هل نعتبر تقدم الآخر هزيمة لنا وتهديداً لوجودنا؟ وهل الحل أن ننفجر به، أم نخرج من الأنفاق التي ارتضينا الإقامة المديدة في عتمتها؟ هل صحيح أننا نشعر بالرعب من تعدد الألوان وتعدد الخيارات والفرص ونخاف على عالم اللون الواحد الذي نتوهم أنه ضمانة وجودنا واستمرار هويتنا بعيدة عن أي تفاعل أو اغتناء؟ هل صحيح أننا نشعر بالذعر كلما سمعنا أجراس العصر تقرع؟ أجراس العصر في العلم والتكنولوجيا والطب والأفكار والثقافة والتعليم والموسيقى.
لماذا نعتدي على العالم؟ ومن أين جئنا بهذه الشحنة الهائلة من الكراهيات؟ ولماذا يغرينا الاصطدام المروع بالعالم بدل العيش معه وفيه؟ ولماذا نفضل الانفجار على الحوار؟ والموت على التفاعل والتسوية؟ والركام على الإقامة في بيوت مشتركة؟ والرماد على التعدد؟ والانكفاء على اليد الممدودة؟ وصفة القاتل أو المقتول على محاورة الآخر وتبادل الاعتراف معه؟
لن نستطيع الاستمرار في الاعتداء على العالم. هذه السياسة تعني تدمير مجتمعاتنا قبل تدمير مقهى أو متحف أو برج في عالم الآخرين. القتلة الجوالون يقتلون بلدانهم الأصلية حين يتوهمون قتل الآخرين. هذه الدول التي تبدو هشة قادرة على التعايش مع الخطر، لأنها دول ومؤسسات تخطئ وتصحح وتعيد الحسابات وتوفر الإمكانات.
حان الوقت لتكون الحرب على التطرف البند الأول في حياتنا. لا بد من إنهاء قاموس التطرف في البيت والحي والمدرسة والمناهج على اختلافها. لا بد من وقف تدفق أمواج الكراهية على الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي. يجب أن نسأل أنفسنا عن الثقافة التي تنجب هذا الميل إلى الاعتداء على العالم، ومن دون مواجهة عقلانية جريئة، فسنغرق أكثر في الوحل والدم وسننجب المزيد من القتلة الجوالين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اماراتيه ولي الفخر
اماراتيه ولي الفخر -

كلما دوّى انفجار في مدينة في العالم يتكرر المشهد نفسه. أخرج إلى قاعة التحرير. أرى الأنظار شاخصة إلى الأخبار العاجلة على الشاشات. وأسمع همهمة زملائي. المهم ألا يكون المرتكب عربياً. المهم ألا يكون المرتكب مسلماً. لا نحتاج إلى المزيد. أسمعهم وأشاركهم تمنياتهم. لكن الأحداث سرعان ما تكذّب تمنياتنا. لم يعد سراً أن الاعتداء على العالم اختصاص مروع نتفرّد به وبات من اختصاصنا)<< فين الدليل يا باشا الحقيقي مش المزور ؟ هو انت كنت في ارض الحدث وبتنقل الخبر وكنت متأكد انه عربي قبل ما يكون مسلم وطبعا معروف لازم يكون من " اهل السنه اهل الارهاب الاعظم في نظر ملل الكفر هو حد يقدر يقول غير كده كان يروح في ستين داهيه " قصدك تقول كبش قذراتهم وحقارتهم وخستهم " /(لماذا نعتدي على العالم؟ )< ياي يا خراشي شوف ازاي نعتدي عليهم مره وحده وهم اصلا محتليين دولنا في قواعدهم العسكريه " كلام كل يوم من اهل النكبه اووووووووووووبس قصدي النخبه " خدم عين حورس تتحدث شرق وغرب "" من كان له غايه ياباشا " عاوز اقنعك انك انت حمار لاغي عقلك وبتصدق أي حاجه وأيه كمان يا جراب الحاوي ! هل من مزيد !

من بعثه ليقتل؟
زبير عبدالله -

وراء القتلة سياسيين،رجال دين،في الجرائم التي ذكرتهالااكثر....انواع القتل الاخرى لها اصحابها،وهم في خانة اخرى،من خانات الجريمة.اذن انحصر الموضوع في مرجعيتين ،ومن هنا يجب الحل،الدول المارقة،والتي هي على راس قائمة الارهاب،باجماع الجميع:ايران،سوريا،تركيا،قطر (تمويلا)نختلف او نتفق على عدد الدول،او التصنيف هذا شيئ اخر وانما اوردت هذه الاسماء لاتفاق الجميع عليها،الحل:مجموعة العشرين والتي تجتمع بين فترة واخرى،يمكنهم حل هذا الموضوع وتحت البند السابع،من ميثاق الامم المتحدة،تحتطائلة تغيير النظام اذا لم يستجيبوا لارادة المجتمع الدولي...ايجاد مرجعية واحدة للعالم الاسلامي،والفتاوى،ومركزه جده، اي سلطة تتاكد وقوف اجهزتها الامنية وراء العمل الارهابي،معاقبتها بصرامة...وقف السوق السوداء،والذي ورائها جميع منتجي السلاح،وقف غسيل الاموال والذي ورائها جميع الدول...وسيشملاكثر الدول تقدما...هذا القتل والقتلة الجوالين كما سميتها،يناسب الجميع،ولذالك لايريدون الحل...بعد خراب الشرق الاوسط،وعندما ينتهوا من ايران،وتركبا،وهذا مانتمناه جميعا،قد ياتي دور اوروبا وهذا مالانريده...لكن البحث عن عدو هو سنة السياسة،واحد قونين المصالح،من هو المجرم ومن تكون الضحية فهذا غير مهم....

أمريكا دوله مجرمه
عبدالله العثامنه -

العالم المتحضّر أرسل الموصل الى العالم المتخلف وأعادها الف سنه الى الوراء !! ومن قبل أرسل فلسطين وعموم العراق واليمن وسوريا وليبيا وكل بلاد العرب !! تلك هي مشكلتنا مع العالم الذي يدّعي الحضاره يلومنا على تخلفنا ثم يمسح حضارتنا ويجعلها كومة من الركام ثم يقول أنتم متخلفون لا تمتمون الى الحضاره بشيء وعندما تأتي عملية دهس في العالم المتحضر من قبل مجنون من مجانيننا يضجون ويصرخون ويقولون لماذا تفعلون بنا ذلك أيها المتخلفون ماذا فعلنا بكم !! ألم يعلموا أن لكل فعل ردة فعل !! ألم يحاسبوا أنفسهم مرة واحده أنهم هم من السبب في ازدياد عدد المجانين عندنا !! ثم من هو الذي لديه الحق في محاسبة مجنون !! أي عاقل في هذه الدنيا يستطيع محاسبة مجنون !!ثم اذا كانوا هم عاقلون فلماذا يتحالفون مع مجانين الحشد الشيعي ويؤمنون لهم الغطاء الجوي لارتكاب مجازرهم الفظيعه !! لماذا تقوم مئات الطائرات من العالم المتحضّر بمسح الموصل بكل تلك الوحشيه !! والأن الدور على تلعفر !! ألا يدل هذا على أنهم جعلوا من أهل المنطقه مشروع مجانين !! مدينه فيها كم كلب داعشي يمسحوها عن بكرة أبيها فيما كان بامكانهم تسليح بضعة ألاف من أهل الموصل لطرد كلاب الدواعش في أيام معدوده وتجنيب المدينه وأهلها الدمار والتشريد!! هذا لو افترضنا أن داعش عدوه لهم وليست من صنائعهم فكيف اذا كانوا هم من خلقها وصنّعها وهندمها ورماها في وجوهنا ذريعة للثأر والانتقام المبرمج،،، ما دامت أمريكا هي التي تقود هذا العالم المتحضّر عليهم وعلى عقلائهم أن يتوقعوا المزيد من المجانين الذين سيغزون هذه الحضاره.