جريدة الجرائد

قبعته وعصاه وحماره الحكيم

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

 سمير عطا الله

 رافقت حياة توفيق الحكيم ثلاث علامات: «البيريه»، أو «القبعة الفرنسية التي اعتمرها في صورة شبه دائمة، والعصا، التي لم يتركها من يده. وحكاية الحمار، الذي اشتراه، وتحول فيما بعد إلى رواية سوريالية سماها (حمار الحكيم)».

أعاد الأستاذ صلاح منتصر في «المصري اليوم» نشر الحوارات الأخيرة التي أجراها صحافي مع أمير الريف المصري، على حلقات ممتعة في عمقها وفي بوْحها. وإذ يتجلى الحكيم في فن الجواب، يتجلى منتصر في فن السؤال. وهو نوع من العمل الصحافي، أو الأدبي، لم يتقنه كثيرون، بل شاع في الصحافة العربية على أنه مسألة سهلة قليلة التكلفة، يكفي للقيام بها أن تحمل قلماً وورقة وبضعة أسئلة.
لكن الحكيم الراقد على سرير المستشفى، واهناً وغير واثق من باب الخروج، يرى في محاوره طبيباً من نوع آخر: يحيي الذكريات الجميلة، وينعش المعنويات المنهارة. ويستعيد صاحب خفة الروح المصرية، جلسة بعد جلسة، حيويته وصورة الرجل الذي تصدّر الأدب المصري زمناً طويلاً.
ومثل نجيب محفوظ مثل كل مصري، كان يلجأ إلى النكتة في البؤس وفي الفرح. وبالسخرية الحنونة كان الحكيم أكثر من دافع عن الريف المصري، الغارق آنذاك بالتخلف والفقر والمرض. ولعلهم ثلاثية لا تنفصل. وقد عاش حياة الريف عن كثب عندما عمل قاضيَ تحقيق، ووضع عن تلك الحقبة رائعته «يوميات نائب في الأرياف». وهنا تبرز قصة العصا، كما رواها لصلاح منتصر.
فقد كان لا يزال شاباً عندما دخل الوظيفة. وكان يعمل معه سكرتير متقدم في السن. ولاحظ أنه كلما خرج في مهمة، اهتم أهل البلدة بالسكرتير وأظهروا له الاحترام. وشكا الأمر إلى صديق له، فأفاده بأن أهل الريف يعطون أهمية كبرى للسن. ولكن ما العمل وهو شاب؟ قال له: احمل عصاً وتوكأ. ولم تعد تفارقه.
أما «البيريه» فقد كانت شائعة جداً في فرنسا أثناء دراسته في باريس. وقد اعتادها منذ ذلك الوقت، وصار يخشى إن هو خلعها أن يصاب بالبرد. بقيت حكاية الحمار، فما قصته؟
في العشرينات، كان يهم بالدخول إلى دكان الحلاق عندما رأى في الخارج رجلاً معه جحش صغير أبيض. فقال للرجل: تبيع الحمار بربع جنيه؟ رفض الرجل. لكنه دخل المحل بعد قليل ليبلغه أنه قَبِل العرض. طلب من الحلاق أن يدفع لصاحب الحمار الذي مضى في سبيله، تاركاً الحمار للحكيم.
كان الحكيم لا يزال يسكن في «بانسيون»، (نزل صغير)، فأخذ الحمار ووضعه أمام الفندق، وصار يحاول أن يسقيه الحليب والبندق. لكن الحمير الفقيرة لا تحب غير البرسيم. وأخيراً أرسله إلى مزرعة صديق له، وعندما عاد بعد قليل ليتفقده، قيل له إنه بيع، وإنه يُستخدم في نقل السباخ أو السماد.
أما في الرواية، فترى الحمار يشارك الحكيم غرفته في «البانسيون»، ويغتسل في بانيو الحمام... وبقية التأملات والتخيلات في حياة مخلوق صبور.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
حلوكى!
زبير عبدالله -

حلوة اسمها ، لكن كنا نسميها حلوكى تحببا،اوهكذا كانت امي تسميها،حلوكى هذه كانت اذكى من حمار توفيق الحكيم،بالتاكيد،حيث كان والدي يحملها،البطيخ الاحمر،والانواع الاخرى من الخضرة،من الحقل وتاتي وحدها الى البيت،تقف امام الباب الى ان نفرغ حمولتها،لكنها كانت تابى العودة الى الحقل وهنا المصيبة،كان على احدنا ان يرافقها...عندما انتقلنا الى المدينة،كان لها غرفتها الخاصة بها ،تحدثت اليها امي (وهي كانت تجيد الحديث مع الحيوانات،احيانا كنا نجدها تتحدث مع صيصان الدجاجة،...)،وتركتها لتلتحق بقافلة عربية من البدو الرحل،حتى بدون ان تستلم قرشا سوريا واحدا...كان ذالك ايام زمان