العراق أمام تحديات جديدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
محمد نور الدين
يستقطب العراق في هذه الفترة اهتمامات العالم بعد العديد من التطورات اللافتة والحاسمة التي تنبئ بتغييرات في المعادلات الداخلية والإقليمية.
في رأس هذه التطورات المعركة ضد التنظيم الإرهابي «داعش». فقد كان العراق أحد أهداف التنظيم قبل ثلاث سنوات والذي استطاع أن يحتل مدناً ومحافظات بكاملها. وقبل ثلاث سنوات ما كان ممكناً تصور أن الجيش العراقي يمكن أن يستجمع نفسه بعد انهياره وأن يحرر قسماً كبيراً من أراضيه بسرعة قياسية هي ثلاث سنوات في ظل توقعات الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما أن تستمر الحرب ضد «داعش» ثلاثين عاماً.
لم يتحرر العراق نهائياً بعد من «داعش»، لكن مع استعادة الرمادي والفلوجة وتكريت والموصل والآن تلعفر ومحيطها يبقى جزء قليل من العراق تحت سيطرة «داعش» والمسألة بالتأكيد مسألة وقت لن يطول.
انهزام «داعش» في العراق يؤثر بلا شك على وضع التنظيم في سوريا وحيث يمكن أن يكون. ومن ذلك إنهاء وجوده في لبنان وعلى الحدود اللبنانية - السورية. وفي حال أضفنا تراجع التنظيم في الرقة التي على وشك السقوط فإن «داعش» يكون في حالة لفظ أنفاسه الأخيرة التي ستكون دير الزور محطتها الأساسية الأخيرة.
تحرير كل العراق من «داعش» يحتاج إلى بعض الوقت لكنه يطرح تحديات جديدة تتعلق بتنظيم العقد الاجتماعي - السياسي الداخلي من جديد وإيجاد صيغة ميثاقية تراعي هواجس كل المكونات وتجعلهم ينتمون إلى جهة واحدة هي الوطن العراقي بكل أعراقه وطوائفه ومشاربه السياسية. التحدي الأول الذي سيواجه العراق مع تحريره شبه النهائي من «داعش» هو إرساء نظام ديمقراطي يحترم ويحفظ الهويات المختلفة للجميع، وهذا بالطبع أمر ليس سهلاً في ظل الاحتقان الموروث بين مكوناته والذي انفجر في السنوات الأخيرة.
العنوان الثاني الكبير الذي يواجه العراق بكل فئاته هو الاستفتاء الذي دعا إليه رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني في 24 سبتمبر/أيلول الجاري على مصير الإقليم وما إذا كان يريد الاستقلال عن العراق.
التحول الأساسي الذي حصل في المنطقة العربية كان في السودان وانفصال جنوبه عن شماله واستقلاله الكامل ليكون أول تغيير في خريطة المنطقة الجغرافية بعد الحرب العالمية الأولى.
إقليم كردستان العراق هو المرشح «الأوفر حظاً» ليكون التغيير الثاني الجغرافي في المنطقة.
ويمتلك الإقليم كل المقومات «اللازمة» لإعلان الاستقلال. فالحدود الجغرافية للفيدرالية الكردية قد رسمت مبدئياً في الدستور خلا المناطق «المتنازع عليها». وللإقليم تجربة كاملة وطويلة في الإدارة الذاتية وله حكومة وبرلمان وجيش وجمارك ولغة وراية. باختصار لا ينقص الإقليم من شروط للاستقلال سوى إعلانه.
هناك ثلاث عقبات أمام إنجاز الاستقلال الكامل لإقليم كردستان. الأولى أن توافق الحكومة المركزية في بغداد. ذلك أن الاستقلال من دون هذه الموافقة يعني مرحلة من الحروب التي لا تنتهي. الثانية أن لا يكون الاستقلال تحدياً وإعلان عداء للدول المجاورة وهي عملياً تركيا وإيران والعراق وإلى حد ما سوريا. فإعلان الاستقلال في ظل معارضة هذه الدول يعني خنق الدولة الجديدة برياً وجوياً وتعريضها للحصار. وهذه الدول تبدي مثل هذه المعارضة حتى الآن.
العقبة الثالثة هي الاعتراف الدولي بالدولة الجديدة من جانب الأمم المتحدة ومجلس الأمن وهذا لا يبدو متوفراً حتى الآن.
لذلك في ظل حق الشعوب بتقرير المصير ومنه الشعب الكردي أينما وجد، فإن إعلان الاستقلال يتطلب مناخاً مؤاتياً لا يعرف حتى الآن كيف يمكن للأكراد أن يوفروه ويذللوا عقباته.