جريدة الجرائد

الروهينجا اللغز والمأساة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

 محمد الحمادي 

 يخبرني صديق أنه تلقى قبل العيد رسالة صوتية من عامل كان يعمل في مكتبه وعاد منذ سنوات إلى بلده بنجلاديش وهي رسالة عبر «الواتس أب» يشرح له فيها الوضع المأساوي في بلدته، حيث يصلهم الروهينجا البورميون الذي يعبرون النهر ويدخلون إلى قريته في بنجلاديش.

الرسالة الصوتية كان فيها كثير من الحزن &‏وتعكس معاناة أولئك الناس، حيث وصفهم بأنهم يهربون بملابسهم فقط، ولا يحملون أي شيء من متاعهم ويأتون جائعين وخائفين وهاربين من الموت.

&‏لقد سمعت تلك الرسالة الصوتية، وهي مؤثرة، خصوصاً أنها جاءت من شخص بسيط من بنجلاديش وشاهد عيان على تلك المأساة، وهو لا يريد شيئاً ولم يطلب مالاً، وإنما &‏من باب حبه لمديره السابق أراد أن يطلعه على الأحوال في بلده.

&‏مشكلة الروهينجا ليست جديدة، فقد مرت عليها عشرات السنوات، ولكن هناك شيئاً لافتاً في قضية هذا الشعب هو أننا أصبحنا نشاهد الكثير من الصور المأساوية التي تصلنا عبر «الواتس أب» &‏وعبر وسائل التواصل الاجتماعي على أساس أنها صور من بورما لأطفال مذبوحين ونساء مغتصبات وبيوت محروقة ومنازل مهدمة، وكل أنواع الصور المأساوية والوحشية نجدها تصلنا من بورما، وكل التعليقات التي تصلنا على هذه الصور تتكلم عن اضطهاد المسلمين وتحصر المشكلة في أنها مشكلة دينية بين البوذيين والمسلمين، وأن الجماعات المتشددة بالتعاون مع الحكومة &‏تعمل على تهجيرهم، والحقيقة أنه بالبحث عن تلك الصور غالباً ما نكتشف أن كثيراً منها ليست من بورما، وإنما هي صور لهنود أو فلبينيين من أماكن أخرى وليست لأشخاص من بورما، وهذا غريب!

 بالطبع لا يعني ذلك &‏عدم اضطهاد الروهنجيين وتهجيرهم، وإنما يعني بشكل واضح أن هناك من يعمل على ترويج التهجير على أساس أنه ديني، وهنا نحتاج إلى أن نطرح العديد من التساؤلات: إذا كان هذا الاضطهاد الديني بسبب الإسلام، فلماذا الروهينجا بالتحديد، &‏ونحن نعرف أن هناك مسلمين وغيرهم في الأقاليم البورمية غير إقليم أركان، فهناك مسلمو البانثاي الصينيون يعيشون بسلام في بورما، وهناك الملايو في كاوثونغ جنوب ميانمار وعدد كبير يعيش بالعاصمة البورمية السابقة رانغون وهناك مسلمو الزربادي&‏ وجميعهم مواطنون بورميون! وهذا يجعلنا نتساءل عن حقيقة الصراع، هل هو صراع بين ديانتين&‏ أم بين عرقين؟ أو صراع له أسباب أخرى؟

مهما كانت الأسباب نؤكد أهمية التحرك الدولي والإسلامي لإنقاذ الشعب الروهنجي وحمايته، فما يلاقونه من اضطهاد وتشريد واضح ويجب أن يتوقف، وقد طال صمت العالم على مأساة هذا الشعب.

ونحن نطالب بكل ما سبق لا بد أن نفك لغز الروهينجا ونطرح بعض الأسئلة.. فإن المهم أن نفهم&‏ من الذي يقف خلف كل هذا؟ ومن المستفيد؟ ولماذا تحدث المشاكل مع الروهينجا المسلمين وعلى حدود بنجلاديش؟ ومن يقف خلف تلك الصور المفبركة، وما هو مصدر تحريف الأخبار وتزوير الصور والحقائق؟ ولماذا يتم إظهار الوضع في بورما على أنه مرعب ولا يمكن أن يعود أولئك الأشخاص إلى ديارهم مرة أخرى؟ أخيراً لماذا تهتم قناة «الجزيرة» بهذه القضية منذ 2012 ولماذا تصر على استضافة بورميين يعيشون في السعودية، بينما بنجلاديش وباكستان وبورما بها من يمكن أن يتكلم عن القضية؟!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف