جريدة الجرائد

الشباب العربي أكثر نضالا من الجيل الذي سبقه

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ديفيد بولوك

غالبا ما يتحدث الخبراء في شؤون الشرق الأوسط عن النزاعات العرقية والدينية «القديمة»، أو عن التحيُّز 
أو المواقف «الراسخة»، غير أن النظر في الأدلة عن كثب يكشف أن الرأي العام العربي قد يتغيَّر أحيانا بشكل كبير، سواء للأفضل أو للأسوأ، وذلك في غضون سنة أو سنتين فحسب. وثمة اعتقاد شائع آخر تقوضه الأدلة المعروضة في ما يلي، هو أن الشباب العربي أكثر نضالا من الجيل الذي سبقه، إلا أن المعطيات التي تدحض الافتراضات الخاطئة تأتي من الوضع الحالي للفلسطينيين في القدس، الذين أصبحوا الآن في قلب خلافات شديدة حول مصير المدينة وأماكنها المقدسة.
وفي أواخر شهر مايو، وفي خلال الأيام العشرة التي سبقت شهر رمضان، أشرفتُ شخصيا على استطلاع فريد ومنهجي للرأي العام الفلسطيني في القدس الشرقية. أما العمل الميداني فقد نفذه فلسطينيون مؤهلون يعملون لدى «المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي» في بلدة بيت ساحور القريبة من الضفة الغربية. وشمل الاستطلاع مقابلات شخصية أجراها متخصصون مع عينة تمثيلية جغرافية من 512 فلسطينيا من القدس، مع هامش خطأ إحصائي يقدر بنسبة حوالي 4%. 
وظاهريا، بدت الأحياء الفلسطينية التي شملها الاستطلاع، والتي تضم نحو 35 ألف شخص يحملون إقامة رسمية (ويتمتعون بحق السفر والتعلم ومنافع الرعاية الاجتماعية)، ولكن لا يحملون الجنسية الإسرائيلية، مسالمة تماما. ولكن إذا غصنا أكثر في الأعماق، يتبيَّن لنا أن هذه الصورة متباينة. إذ تُظهر نتائج الاستطلاع كيف أن الأحداث الأخيرة بدلت الرأي العام في هذه الساحة الحاسمة، وتثبت أيضا بوجه عام، كم أن الحكمة التقليدية بأن العقول الشرق أوسطية «غير قابلة للتغيير» مضللة.
وفي ما يخص بعض المسائل المتعلقة بالمواقف تجاه إسرائيل، فإن الفلسطينيين في القدس أكثر اعتدالا نوعا ما 
من سكان غزة أو الضفة الغربية. بيد أنه في قضايا رئيسية أخرى، يميل التوجه السائد في العامين الماضيين إلى المزيد من الانعزال عن إسرائيل، بحيث تغيَّرت بعض وجهات النظر تغيرا جذريا. 
 ويكمن ذلك على الأرجح في مزيج معقَّد من العوامل من بينها الاستقطاب المتبادل والخوف الناشئ بين اليهود والعرب في المدينة منذ الاستطلاع السابق، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى «انتفاضة السكين» وردود الفعل الإسرائيلية عليها، وعوامل أخرى كالقلق الشعبي حيال الإسلام والمسجد الأقصى بشكل خاص. 
ومن الطبيعي أن تتجاوز هذه التفسيرات المعطيات التي لدينا، فالملابسات المترتبة عن سياسات هذه النتائج قد تذهب إلى أبعد من ذلك بكثير. ومع ذلك، يبرز استنتاج واضح واحد، وهو أن أي مناقشات مستقبلية حول القدس من شأنها أن تأخذ في عين الاعتبار المواقف المتغيرة لسكان المدينة الفلسطينيين والإسرائيليين على حدٍ سواء.

ديفيد بولوك*

* زميل أقدم في معهد واشنطن يركز على الحراك السياسي في بلدان الشرق الأوسط – (معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى)
 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف