الانفجار السكاني في المملكة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عقل العقل
أرقام مخيفة ومفزعة للزيادة السكانية في العالم، خصوصاً في دول الجنوب ومنها الدول العربية والإسلامية. هذا الانفجار السكاني في هذه الدول يعتبر من أخطر التحديات التي تواجها الحكومات، لاسيما أنها ملزمة بتقديم الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية، كما نلاحظ أن معدلات البطالة في ازدياد مستمر، ما يشكل خطراً على سلمها الاجتماعي.
هناك مفاهيم ثقافية ودينية تلعب دوراً في مفهوم حجم الأسرة، وفي اعتقادي أن هذا النمط الفكري بحاجة إلى مراجعة وتفكير على مستوى الأفراد والمؤسسات الرسمية، وستكون له انعكاساته الإيجابية على مستوى الدول والمجتمعات من خلال تقديم خدمات لا تقاس بالكم، ولكن من حيث الجودة على المستويات كافة.
في المملكة مثلاً، وهي من الدول التي تعاني من مستوى مرتفع بالسكان، بحيث تظهر الأرقام أن النمو السكاني السعودي خلال سنوات الطفرة النفطية منتصف السبعينات من القرن الماضي بلغ ٤.٢ في المئة في العام، وفي تلك المرحلة يمكن فهم تلك الزيادة في النمو، إذ لم نسمع عن مشكلات بطالة أو ازمة اسكان مثلاً في تلك المرحلة، ولكنها مرحلة انتهت إلى غير رجعة، بل إن أساس رؤية المملكة 2030 تقوم على تنويع مصادر الاقتصاد الوطني وليس على إدمان النفط الذي نعاني منه كحكومة ومجتمع حتى الآن.
الأرقام الرسمية تظهر أن هناك تباطؤاً في النمو السكاني في المملكة في الأعوام القريبة الماضية، إذ تشير أرقام الهيئة العامة للإحصاء الى أن عدد سكان المملكة بلغ 31 مليون نسمة في 2015، منهم 11 مليون أجنبي، وكشفت البيانات الأولية للهيئة العامة للإحصاء عن ارتفاع عدد سكان المملكة إلى 32.6 مليون نسمة في النصف الأول من 2017 وبزيادة بلغت حوالى 870 ألف نسمة مقارنة بنهاية 2016، وبمعدل نمو سكاني يصل إلى 2.54 في المئة.
الأسبوع الماضي أشارت وسائل الإعلام المحلية إلى عودة 1.5 مليون موظف حكومي إلى أعمالهم بعد الإجازة، وهذا الأسبوع عاد ستة ملايين طالب وطالبة إلى مدارسهم في المملكة، هذه الأرقام مفزعة ولنا الحق أن نتساءل أين سيعمل هؤلاء الملايين عند تخرجهم في الأعوام المقبلة؟ البعض يعول على القطاع الخاص باستيعابهم، ولكننا نشهد أن معدل البطالة لم ينخفض في السنوات القريبة، بل قد يكون مرشحاً للزيادة إذا لم تكن هناك تشريعات صارمة من الدولة في إشراك وتوظيف السعوديين في القطاع الخاص، خصوصاً أنه يوجد في المملكة 11 مليون أجنبي، أغلبيتهم يعملون في هذا القطاع.
لا شك في أن العملية ليست بهذه السهولة، ولكنها ليست مستحيلة في ظل رؤية المملكة 2030 التي يقودها ويشرف عليها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، من عوامل الاستيعاب لهذه الزيادة السكانية هو العمل على نشر الوعي بأهمية تنظيم الأسرة السعودية بما يتماشى مع الظروف الاقتصادية لأفراد المجتمع في الظروف الحالية والمستقبل، هذه الزيادة السكانية أفرزت ظاهرة المدن المليونية لدينا كالعاصمة الرياض وجدة ومكة والمدينة، وهذا يشكل عبئاً على الجهات الرسمية على كل المستويات، يكفي مثلاً أن نشاهد الزحمة المرورية في شوارعنا، والصعوبة لمن يريد أن يجد علاجاً في أحد المستشفيات الحكومية، مثل هذه دلائل على خطورة هذا الانفجار السكاني إذا لم يصاحبه تخطيط فعال يرتكز على موارد الدول.
وسلمت يا وطني أرض السلام والمحبة، ولكل من يعيش على ترابه ويخلص له، ولنا عبرة في ما يحصل في دول مجاورة من حروب واقتتال. السفينة ماضية بثبات وعزيمة بسواعد أبناء وبنات الوطن المخلصين على رغم أصوات الناهقين.