جريدة الجرائد

سطور هادئة في اكتتاب «أرامكو»

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

&حسين شبكشي

&أعلنت مواقع إخبارية مختلفة نقلا عن وكالة &"رويترز&" أن السعودية ألغت اكتتاب أرامكو، وسرحت كل المستشارين المسؤولين عن ذلك.

في نفس المساء خرج تصريح رسمي ينفي هذا الخبر، ويؤكد أن الاكتتاب قائم ولكن في توقيت مناسب. أتابع التغطية &"الدرامية&" للإعلام عن هذا الخبر، وهنا لا أقصد إعلام نظام الانقلاب في قطر، ولا إعلام نظام إيران الطائفي والأبواق التابعة له في لبنان، فهؤلاء لا يمكن التعامل معهم بجدية ولا باحترام. ولكن ما أعنيه تحديدا هو متابعة وتغطية الإعلام الغربي الذي صور الأمر وكأنه &"كارثي&" و&"حدث مؤسف&".
اكتتاب أرامكو ببساطة جدا كان اختيارا &"تمويليا&" بحتا للإدارة السعودية في مواجهة تحديات وظروف اقتصادية دقيقة وصعبة، في ظل الهبوط الحاد جدا لأسعار البترول والتزامات متطلبات التنمية والإنفاق الحكومي الملتزم به منذ الإعلان عن ذلك قبل أكثر من عامين تقريبا. وبدأت التجهيزات لذلك من محاورات مع الأسواق الرئيسية المرشحة للاكتتاب، وبالإضافة للدخول في كم غير بسيط من التفاصيل العميقة في الجوانب المالية والمحاسبية والقانونية، لأن هذا الطرح كان غير مسبوق على كافة الأصعدة، سواء على الصعيد الكمي من ناحية &"حجم وقيمة الاكتتاب&" أو من ناحية التحديات القانونية ومنهجية التقييم، وفي خلال هذه الفترة حصلت تطورات مالية مهمة ولافتة جدا، أسعار النفط تحسنت جدا، وارتفعت وزادت مداخيل الخزانة المالية السعودية وانخفض معها عجز الموازنة وزادت مداخيل الدولة غير النفطية بشكل مطرد ومتواصل، ولجأت الدولة إلى الهندسة المالية لابتكار حلول تمويلية مختلفة منها استثمار سابك وأرامكو على سبيل المثال.


من الواضح جدا أن الظروف الطارئة التي كانت تضغط على وضع اكتتاب أرامكو كأولوية قد تغيرت وأن هناك متسعا للتفكير والحراك في قرار كهذا. أرامكو هي درة التاج كما يطلق عليها واصفوها من المحللين الاقتصاديين، فهي أكبر الشركات النفطية في العالم وأكثرها استقرارا. والحديث عن طرح جزء منها للاكتتاب كان فاتح شهية عظيمة للأسواق العالمية، وحصل التفاعل المتوقع مع هذا الخبر من حراك سياسي ومالي وإعلامي، وبعد هذا البناء للتوقعات والطموحات جاء القرار السعودي مخيبا لطموحاتهم، وبالتالي كان التعاطي مع الخبر بقدر غير بسيط من الدراما.
تناولت هذا الأمر مع أكثر من صديق في لندن هذه الأيام، وكان لا بد من الفصل بين التغطية الإعلامية للحدث والتعامل مع القرار السعودي على أنه خيار مالي يقدم أو يؤجل بحسب الاحتياج، وليس إذعانا للضغوط وهذا ما تم وللأسف لم يذكر بالقدر الكافي، فجاءت التغطية هلامية وغير موضوعية في معظمها.


اكتتاب أرامكو لو حصل سيكون تاريخيا ومهما وإذا لم يحصل فهو &"كارت&" مالي موجود يمكن استخدامه متى دعت الحاجة لذلك. هذه هي المسألة ببساطة شديدة جدا. سطور هادئة في موضوع نال ضجة أكبر مما يستحق.

&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف