معركة إدلب وخطر الصدام الروسى الأمريكى
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
&مصطفى السعيد
&
رغم إدراك الولايات المتحدة أن معركة إدلب لا يمكن أن تربحها، إلا أنها أبدت عزمها على الانخراط فيها، ودفعت بالبوارج الحربية والطائرات المزودة بصواريخ كروز المجنحة إلى البحر المتوسط وقاعدة العيديد فى قطر، تحت غطاء احتمال استخدام الجيش السورى أسلحة كيماوية ضد الجماعات المسلحة، وهى حجة سهلة وسبق تجربتها فى أبريل الماضى فور تحرير الجيش السورى الغوطة الشرقية، ولا تحتاج أكثر من بث صور تقول جماعة أصحاب الخوذات البيضاء الممولة من الولايات المتحدة وأوروبا أنها التقطتها لهجمات للجيش السورى بأسلحة كيماوية لتكون ذريعة كافية للضربات الصاروخية الأمريكية لمواقع الجيش السورى بمشاركة بريطانية وفرنسية.
الإعلان الأمريكى عن ضربات عسكرية لسوريا أثار غضب روسيا وإيران، ولم تكتف روسيا بالتحذير من دخول الولايات على خط الاشتباكات، بل دفعت روسيا بأكبر عدد من قطعها الحربية والطائرات الإستراتيجية، وشرعت فى إجراء أضخم مناورة بحرية قبالة الشواطئ السورية، بمشاركة 25 بارجة وغواصة و30 طائرة استراتيجية، إلى جانب القوات البحرية والجوية الموجودة فى قاعدة حميميم، وقالت روسيا إن أى ضربات أمريكية للقوات السورية ستكون بمثابة دعم مباشر لتنظيمى داعش والنصرة الإرهابيين الموجودين فى إدلب، وأنها عازمة على مشاركة سوريا فى القضاء على آخر معاقل الجماعات الإرهابية.
وكان وزير الدفاع الإيرانى العميد أمير حاتمى الذى زار سوريا الأسبوع الماضى قد أكد اعتزام إيران المضى فى دعم سوريا للقضاء على المعقل الأخير للجماعات المسلحة فى إدلب، ، بل أيضا أشار إلى مشاركة إيران فى إعادة بناء الصناعات العسكرية السورية، ليظهر رئيس الوزراء الإسرائيلى على القنوات الفضائية ليرد على وزير الدفاع الإيراني، ويقول إن من يهدد بإبادة إسرائيل سوف يلقى نفس المصير، فى تصعيد خطير لحدة المواجهات إلى حد استخدام تعبير الإبادة، وكانت إسرائيل قد طلبت وساطة الرئيس الروسى بوتين للضغط على إيران لإخراج قواتها من سوريا قبل أن يسيطر الجيش السورى على درعا وريف القنيطرة وحدود الجولان المحتل، غير أن جهود بوتين أثمرت عن ابتعاد القوات الإيرانية وحلفائها نحو 70 كيلو مترا، ليتعرض نيتانياهو إلى انتقادات عنيفة من الخبراء العسكريين ووسائل الإعلام، وتصف الاتفاق بأنه لصالح سوريا وحلفائها، وأن الوضع فى سوريا بات أكثر خطرا على إسرائيل مما كان عليه الوضع قبل عام 2011، ولهذا تعول إسرائيل على تدخل عسكرى أمريكى يضمن أمن إسرائيل، وقد تزامنت التهديدات والحشود العسكرية الأمريكية مع تسريبات عن نشر منظومات دفاع جوى أمريكى فى شرق الفرات، لتزداد حدة الاحتقان وفرص اندلاع صدامات مسلحة أكثر خطورة.
سيناريوهات معركة إدلب اتسعت مع الزيادة السريعة فى الحشود العسكرية الإقليمية والدولية، ولم تعد مثل باقى المعارك التى انتصر فيها الجيش السوري، فقد احتشدت قوات روسية غير مسبوقة فى مواجهة القوات الأمريكية المتحفزة، واحتشدت إيران فى مواجهة إسرائيل، لتتعدد السيناريوهات التى تبدأ من إمكانية التوصل إلى تسوية مع الجماعات المسلحة فى إدلب، والبالغ عدد مقاتليها نحو 100 ألف مقاتل، وأن تسحب تركيا المقاتلين الأتراك المنضوين فى الجماعات المسلحة فى إدلب، والذين يتجاوز عددهم 14 ألف مسلح، مع تفكيك وسحب المسلحين التابعين لجماعة الإخوان وحلفائها، على أن تقتصر المواجهات المسلحة على تنظيمى داعش والنصرة، مع السعى لتجنيب المدنيين التعرض لنيران المعارك، ويدعم هذا التوجه المبعوث الأممى ديمستورا الذى أكد حق سوريا فى القضاء على الإرهابيين فى إدلب وفرض سيادتها على أراضيها، مع السعى لعقد تسوية بمشاركة روسية وتركية وإيرانية مع باقى الجماعات المسلحة، وربما يكون هذا السيناريو أكثر ترجيحا مع توازن الرعب الذى نشأ عن وجود حشود ضخمة لكل من الولايات المتحدة وحلفائها من ناحية وروسيا وحلفائها على الطرف الآخر، لأن حدوث أى اشتباك فى ظل وجود هذه القوات المحلية والإقليمية والدولية قد يؤدى إلى انفجار كبير لا يمكن أن يتحمله أى طرف، فأى ضربات عنيفة ضد الجيش السورى لن تواجهها منظومات الدفاع السورية والروسية وحدها، بل يمكن أن تشن القوات الحليفة لسوريا هجمات على القوات الأمريكية فى سوريا والعراق، وفى حال دخول إسرائيل على خط المجابهة فإن الصواريخ السورية والإيرانية قد تضرب فى العمق، ولأن سيناريو من هذا النوع أخطر من أن تراهن عليه أى دولة، فإن الأفضل للجميع ترك القوات السورية تتقدم نحو إدلب دون أن تتعرض لمخاطر هجوم أمريكى مؤثر، وربما تكتفى الولايات المتحدة بضربات محدودة مع حملات إعلامية ودبلوماسية، والتمسك بطرح الانسحاب الأمريكى من شرق الفرات مقابل خروج القوات الإيرانية من سوريا، لتنتهى معركة إدلب دون أن تنتهى الحرب بين القوى الإقليمية والدولية المتصارعة، والتى ستأخذ أشكالا وجبهات أخري.