بين فيصل وأردوغان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عبدالله بن بخيت
بعد أن أنهى السيد أردوغان رئيس الجمهورية التركية مؤتمره عن القدس بدأ جولة افريقية. عندما قرأت خبر عزمه القيام بها ظننت أن السيد أردوغان سيأخذ معه قضية القدس لتشكيل تحالف إسلامي أو عالمي. لم أقرأ في البداية أين هي وجهته لكن المسألة لا تحتاج إلى كثير تحليل. من استمع إلى خطبته في المؤتمر سيتأكد أن تركيا أصبحت المسؤول الأول عن المدينة المقدسة. ظني لم يأتِ بلا حساب. سواء أقام أردوغان مؤتمره عن القدس تضامناً وانتصاراً للشعب الفلسطيني أو أنه أقامه لأسباب دعائية ففي كلتا الحالتين لا يمكن أن يتجاهل الحديث عن القدس في زيارة تأتي بعيد المؤتمر..
تابعت أسباب زيارته وتصريحاته وقرأت قليلاً عن علاقة تركيا بأفريقيا. لم ألمس أي إشارة إلى القدس أو القضية الفلسطينية. زياراته هذه تؤسس حضوراً تركياً على الصعيدين الاقتصادي والعسكري على الأرض الافريقية.
من أشهر الأحداث السياسية السعودية في الستينيات والسبعينيات جولة موسعة قام بها الملك فيصل شملت عدة دول أفريقية معظم هذه الدول للتو خرجت من ربقة الاستعمار وفريسة سهلة لإسرائيل. بحثت في أسباب تلك الجولة. كانت المملكة وكثير من الدول العربية في أوج الصراع مع إسرائيل. عند قراءة الزيارات تلك ستلاحظ أن القضية الفلسطينية على رأس أولوياته وفي مقدمة المباحثات مع الزعماء الأفارقة. ساهمت تلك الزيارات في تحييد أو كسب الشعوب الأفريقية لمصلحة القضية الفلسطينية. كثير من الدول الأفريقية قطعت علاقتها مع إسرائيل. لم يأتِ النجاح مجاناً. أسهم الملك فيصل في كثير من المشروعات الحيوية في تلك الدول دون أن ينتظر مردوداً اقتصادياً على المملكة. كان مردود تلك الزيارات دعم القضية الفلسطينية وطرد إسرائيل من القارة السوداء.
لست بصدد خلط التاريخ أو القفز على الفروق بين الزمنين. لكن الشيء الذي يجب أن تعرفه الأجيال السعودية أن المملكة لم تزايد على القضية الفلسطينية ولم تدعُ إلى مؤتمرات دعائية. جميع المؤتمرات التي دعت إليها المملكة لم يكن للمملكة أي مصلحة ذاتية ولم تستخدم للدعاية السياسية. كانت تدفع للفرقاء العرب المتقاتلين ليتصالحوا.
الذي لا يعرفه إلا القليل، في الوقت الذي كان فيه الملك فيصل في أقصى درجات التصارع مع الرئيس عبدالناصر منيت مصر بأكبر هزيمة في تاريخها. كانت فرصة للملك فيصل أن يتركه لمصيره بيد أن الملك الراحل تجاوز ما صدر من عبدالناصر ومؤامراته وقدم لمصر في مؤتمر الخرطوم المشهور بلاءاته الثلاث معونة تغطي خسائرها الناشئة عن إغلاق قناة السويس بالكامل.