إسرائيل تفتح باب الجحيم على نفسها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أتاح العمل السياسي المنظم في السبعينيات للسيد ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الأسبق أن يلقي كلمة على منبر الأمم المتحدة. كانت فرصة تاريخية أن يخاطب من خلالها العالم. يشرح لهم المأساة الفلسطينية. وقف عرفات وألقى كلمته التي لم يبق منها في ذاكرة الأجيال سوى عبارته الشهيرة: لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي. عبارة كما ترى مليئة بكل الانتفاخات والغرور والتحدي. إذا كنت في كمبوديا أو في ساحل العاج ستفهم أن عرفات يتبرع بالسلام على العالم. يملك كل الخيارات التي تؤهله أن يستبدل الغصن الأخضر بالمدافع والقنابل النووية. بعد أربعين سنة من تلك العنترية لم يتغير أي شيء في الخطاب الفلسطيني.
لعل القارئ الكريم اطلع على فوتيج متداول يصور جلسة في اليونسكو. قبل بدء الجلسة وقف المندوب الإسرائيلي وطلب من الحضور دقيقة صمت على أرواح اليهود الذين قضوا في المحرقة النازية. ردت عليه مندوبة إحدى دول أمريكا الجنوبية قائلة: الفلسطينيون يستحقون هذه الوقفة أيضاً. كان المندوب الفلسطيني حاضراً ولم يطرأ على باله مثل هذا الأمر. انبرى المندوب الإسرائيلي دون مبرر أو ما يدعو إلى ذلك. الرجل يروج لآلام شعبه. يريد أن يحافظ على تعاطف أهل الأرض. ابتزاز ممنهج بتسويق ألم انقضى. هذه فلسفة إسرائيل لمواصلة الانتصار على أعدائها. في كل مناسبة عالمية يشعر فيها الإسرائيلي أن العالم سيستمع إليه يقحم قضية المحرقة وأن الشعب الإسرائيلي يستحق أن يعيش تحت الشمس وأن الشعب الإسرائيلي بائس ومظلوم. لا يريد من هذا العالم سوى أرض صغيرة كانت يوماً لأجداده الذين شردوا وعذبوا عبر التاريخ ولا يقف في طريقهم لتحقيق هذا الحلم المتواضع إلا حفنة من الإرهابيين الفلسطينيين. هذا الابتزاز الإسرائيلي يؤكد صدقيته تصريحات المسؤولين الفلسطينيين العنترية.
عندما قدم الرئيس الأميركي القدس للإسرائيليين خرج أحد المسؤولين الفلسطينيين وصرح أن أميركا لم تعد شريكاً في السلام.
في تاريخ متابعتي للقضية الفلسطينية لم أسمع من عرفات أو عباس أو هنية أو مشعل أو أي زعيم فلسطيني أو كاتب أو مثقف فلسطيني أي إحساس بالألم الذي نزل على الشعب الفلسطيني. لم أسمع أن مسؤولاً فلسطينياً استغل مناسبة وعرض من خلالها تاريخ الآلام الفلسطينية والتشرد والحرمان من الهوية الإنسانية. من يتابع تصريحات الفلسطينيين لن يسمع سوى لغة التحدي والتهديد والوعيد. من الواضح أن العنتريات العربية على ما توفره من زمجرة لم تعد تكفي المسؤولين الفلسطينيين فصاروا يستعينون بالعنتريات الدولية المترجمة.