الأنماط الثقافية للعنف
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مها الشهري
اللغة العنيفة التي يستخدمها أكثر الناس في سلوكهم الكلامي الذي قد يتحول إلى أفعال؛ ناتجة عن البيئة التي احتضنت الشعور القمعي وأثرت في حياة الناس وبالتالي ساعدت في إظهاره على تعبيراتهم، إذ إن البيئة التي تكون صفة التخاطب أو التعامل فيها عنيفا تؤدي إلى قولبة الشخصيات وتعقدها وسلب المقدرة الذاتية إلى حد التشبع بتلك الثقافة وسيطرتها على اللغة.
قد يكون الرد العنيف في التبادل اللغوي ناتجا عن رفض الآخر أو عدم قبول رأيه، وقد يكون ناتجا في أغلب الحالات عن تعويض النقص لسلب الذات، وحين تبدو بعض الأحاديث والنقاشات على نحو لا يخلو من التطرف، تبدو وكأنها ساحات صراعية تبنى سياقاتها على التنافس على مقعد النصر ليقع الآخر في الهزيمة من أجل «رأي»، فهذا يعني أن ثقافة العنف تشكل انفعالات الناس رغم اختلاف اتجاهاتهم، إذ إن البيئة التي تنتجهم وتؤثر فيهم هي بيئة واحدة، وكثير ما نصادف من الناس من هم على جاهزية بإظهار رد الفعل العنيف حتى إن كانت المواقف لا تستدعيها.
في الشارع، في طابور الانتظار، في أماكن أخرى.. يرى البعض بأنه يلزمهم التحرز بالقوة كردة فعل إزاء أي ازعاج محتمل قد يصادفهم ويثير غضبهم حين تكون تلقائية الفعل لديهم في الأصل مبنية على الغضب، وشرطية الصراع هذه تدل على وجود الكثير من الاعتلالات النفسية والسلوكية التي يمارسها البعض في تعاملاتهم، فتغلب العدوانية على السلوك عندما يكون الفرد مسلوبا في حقوقه وبالتالي يعجز عن الشعور بحقوق الآخرين، وستكون هذه الظاهرة أكثر تناميا كلما غابت الأساليب والقوانين التي تنظم الحياة الاجتماعية وترتكز على التنشئة الاجتماعية السليمة التي تبدأ من الأسرة، إضافة إلى تعزيز الروابط الانتمائية لهدف عام يحقق الاستقرار والأمن ومستوى أساسي من متطلبات التحضر.