الزرقاء الأردنية ترفض وصمها بالتطرف
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
محمد برهومة
يرفض سكان مدينة الزرقاء الأردنية (50 كيلومتراً شرق عمّان) وصم مدينتهم بأنها حاضنة التطرف والعنف. يقولون ليس لنا ذنب في ذاك «الترابط النكِد» في الأذهان، لا سيما خارج الأردن، بين المدينة وأبو مصعب الزرقاوي، زعيم تنظيم «القاعدة» في العراق سابقاً. ومع أنه يُقال، على نحو دارج، أن الانطباعات أقوى في كثير من الأحيان من الحقائق، فإن رفض أهالي الزرقاء هذا القول يتكرر اليوم في ظل إعلان دائرة المخابرات الأردنية قبل نحو أسبوع إحباط مخطط إرهابي كان معدّاً للتنفيذ خلال احتفالات رأس السنة؛ خططت له خلية مؤيدة تنظيم «داعش» لاستهداف مواقع حيوية في المملكة، وفق ما قال بيان الدائرة. كان أفراد الخلية الـ17 جميعاً من الزرقاء.
هنا، تجوز لنا ملاحظة أن «ديموغرافيا النشاط الجهادي» في الأردن تتركز في بعض المخيمات الفلسطينية الأشد تهميشاً وفقراً وعشوائية، مثل مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين، على الأطراف الشمالية للعاصمة، عمّان. وقد شهد مكتب مخابرات البقعة في رمضان 2016 اعتداءً نفذه منتمٍ إلى فكر «داعش»، نجم عنه مقتل ٥ عناصر من المخابرات. ويطاول ذلك النشاط مدينتي المفرق ومعان جنوب الأردن، حيث معدلات التنمية في أقل مستوياتها، أو في الزرقاء التي تعد المدينة الأكثر عشوائية، والأكثر اكتظاظاً بالسكان بعد العاصمة، وهو حال مدينة الرصيفة المحاذية للزرقاء، وهما معاً تشكلان «الخزّان البشري» الأكبر لتفريخ السلفيين الجهاديين في الأردن، ومعقلهم الرئيسي منذ نحو عقدين من الزمن، وهذا لا يقلل من مكانة مدينة معان، كخاصرة رخوة جاذبة لمثل هذه الظاهرات، وقد كانت المسيرة الأولى والوحيدة المؤيدة «داعش» خرجت قبل سنوات من معان رافعة شعار «معان فلوجة الأردن». وفي العامين الأخيرين، طاول الإرهاب الداعشي مدناً أخرى مثل إربد (80 كيلومتراً شمال عمان) والكرك (120 كيلومتراً جنوب البلاد).
وإذا كانت الأصوليات تتغذى أحياناً على عوامل متعلقة بالإقصاء والتهميش الاجتماعي والسياسي، فإنها (أي الأصوليات) قد تلفح بآفتها بيئات تعد «آمنة من الناحية الديموغرافية» سواء من الناحية الطبقية، أو التجانس الاجتماعي، والأردن مثل في هذا السياق، حيث إن المخاوف تزداد من حدوث اختراقات أكبر وأوضح في النسيج الاجتماعي لمصلحة أفكار السلفية الجهادية في ظل تفاقم الظروف المعيشية الصعبة، وانتشار الفساد المالي، والسياسي، والإداري، والتغافل عن ترسيخ تكافؤ الفرص، والعدالة في التنمية، وتفعيل الشراكة السياسية.
وحتى لا نقع في الشطط والمبالغة يمكن القول هنا أن الأكثرية الساحقة من الأردنيين لا توافق على أسلوب الحياة المتشدد، ونمط التدين المغلق، والفكر الماضوي الإقصائي الذي يبشر به تنظيم «القاعدة»، و «داعش»، و «النصرة»، وغيرها من الحركات العدمية. يظهر هذا من السلوك العام للأردنيين في المساجد، والجامعات، والأندية، والتجمعات، والاحتفالات والملتقيات في جميع مستوياتها وأشكالها. لكن هذا الاستدراك المهم لا يقلل من حقيقة أن مواجهة التطرف والإرهاب ستبقى أولوية وتحدياً في الآن ذاته للأردن في عام 2018، وما يجعل ذلك ملحاً ثلاثة معطيات، في الأقل، الأول أن ثمة تقديرات بأن أعداد الأردنيين الذين اجتذبتهم التنظيمات الإرهابية في العراق وسورية يناهز ثلاثة آلاف عنصر. والثاني أن دراسة أعدّها أواخر 2016 باحث أردني على شباب من الزرقاء وإربد والطفيلة أظهرت أن 5 في المئة منهم أعلنوا صراحة أن «داعش» و «القاعدة» و «النصرة» تعبّر عن وجهة نظرهم. والثالث أن الأردن، في ظل النقطتين السابقتين، مكان محتمل لهجرة العناصر المنهزمين من هذه التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق.