جريدة الجرائد

درس التاريخ مستمر!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

 حسين شبكشي

 حضرت إحدى حلقات برنامج «الدكتور أوز» - البرنامج الناجح الذي يقدمه الطبيب الذي نجح بشكل أسطوري في بلاد العم سام، وهو الذي يتحدر من أصول تركية - بدعوة خاصة منه، وتمعنت في نجاح هذا «المهاجر» وسط الحديث العنصري في أميركا اليوم (وغيرها من دول العالم) عن وضع حد لوجود المهاجرين عموماً وإصدار سياسات عامة للتحكم ومنع وصولهم.

الطريف الآن أن أعظم الشركات في أميركا اليوم يرأسها شخصيات مهاجرة مثل «غوغل» و«أمازون» و«مايكروسوفت» و«ببيسي كولا»، ولكنها حمى العنصرية التي تسير ضد اتجاه الطبيعة، ووصلت إلى العالم العربي الذي بات يتحدث بالحدة الجاهلية نفسها غير القويمة. الدول العربية نهضت واستمتعت بعنفوانها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بسبب وجود مهاجرين فيها؛ مصر مثلاً كانت ترى نتاج ذلك مساهمة «الشوام» أهل منطقة الهلال الخصيب الذين ساهموا بشكل عظيم في إطلاق أهم الإنجازات الأدبية والإعلامية والفنية والثقافية، وكذلك مساهمة مهاجرين من أوروبا وآسيا الوسطى التي سميت إحدى أهم مناطق القاهرة باسمها «الأزبكية» تيمناً بتجار أوزباكستان الذين أتوا لمصر.
وفي الشام كان الأرمن بحضورهم المهم، والعراق الذي عرف كثيرين ممن هاجروا إليه، وتحديداً، في الحالتين الشام والعراق، هاجر إليهما نماذج عظيمة وكريمة من أهل الجزيرة العربية عرفوا بالعقيلات وأهل الزبير، وكانوا مضرباً للأمثال في النجاح.
أيضاً دول الخليج عرفت حضوراً مهماً من أناس هاجروا إليها من دول مختلفة مثل تركيا ومصر وإيران والعراق وسوريا واليمن، وكانوا خير مواطنين ومنتجين ونافعين للبلاد التي كانوا فيها. وها هم أهل لبنان وسوريا وفلسطين وحضرموت واليمن في كل بقاع العالم خير سفراء لحضارتهم وثقافتهم وأخلاقهم كانوا فيها أفضل مثال على انخراطهم وانسجامهم في النسيج الوطني الجديد.
هذا الحديث المتجدد في أميركا له علاقة بشخص الرئيس الحاكم وليس بنهج أميركا التي يعلم من فيها أنها بنيت على فكر وثقافة الهجرة، وأن هذه الفترة هي فترة إعادة زخم للقيم الأميركية الحقيقية التي بني عليها الدستور الأميركي، ومنها أن «كل الناس خلقوا سواسية» ولهم الحق في «السعي للحرية والسعي للسعادة»، وهناك عدد كاف من الأميركيين اليوم لديهم القناعة الكاملة أن هناك خللاً عظيماً فيما يحصل، وهي مسألة ضد الأسس التي بني عليها الدستور الأميركي نفسه.
العدالة والحقوق والمساواة، هي مسألة لا يمكن «ضمانها» اليوم في ظل الأجواء الملوثة والمسمومة التي لم تعد تؤثر على أميركا فقط ولكنها «صدرت» للخارج وتداولها الموتورون والمهووسون في كل مكان، وهم موجودون فقط بانتظار الفرصة المناسبة لبث سمومهم وأمراضهم وعلل النقص المركب لديهم. انتقال الناس بين الدول هو حالة «طبيعية» وسنة كونية وفشلت من قبل محاولات منعها لأنها أشبه بالحجامة التي تفرز الفاسد وتستبدل به الصالح المنتج. انتقال الناس وهجرتهم كانت موجودة منذ بدء الخليقة ومؤكد أنها ستستمر، وكل من وقف أمامها تحت اسم وشعار الدين والوطنية والاقتصاد سقطوا سقوطاً مدوياً.
 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف