الوسطية الشكلية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
خالد أحمد الطراح
يبدو أن مركز الوسطية، التابع لوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية، وقع اخيرا في المحظور الامني نتيجة تصريحات ومنهج عمل متناقض تماما عن الواقع الذي تشهده الدولة، خصوصا بعد صدور حكم محكمة الجنايات «بحبس 19 مواطنا غيابيا لمدة 10 سنوات مع الشغل والنفاذ» الذي صدر في 2018/1/8.
مركز الوسطية، الذي يفترض ان يصحح الاعوجاج والانحراف بعمله بعد سنوات عجاف دون اي مردود وطني ملموس، في ضوء سيل التباشير خلال الشهور الاخيرة من العام الماضي، حيث تم الاعلان (بشفافية) اعلامية يوم 2017/12/12 عن «عدم تسجيل أي حالة تطرف فكري او مشاركات في ساحات القتال»، بينما بينت مصادر امنية في وزارة الداخلية بأنها «احالت ملفات عشرات من الاشخاص الذين غادروا البلاد منذ اكثر من 6 شهور وتورطوا بالارهاب» (القبس 2018/1/9).
بيان وزارة الداخلية بني على رصد امني دقيق وليس مزاعم اعلامية، حيث اوضحت الوزارة ان «هناك من حرضوا على الارهاب والقتال والانضمام الى الجماعات الارهابية، منهم من ذهب إلى الدراسة ومنهم من سافر لمرافقة مرضى العلاج بالخارج، وبعدها انتقلوا الى معاقل الارهاب»، فيما اعلن مركز الوسطية، مودعا السنة الميلادية الماضية، «عن عدم تسجيل اي حالة من تطرف فكري او مشاركات في ساحات القتال في 2017»!
بشر مركز الوسطية ايضا في الوقت ذاته ان «لجنة مختصة بصدد اعداد التقرير النهائي عن التطرف والفكر والإرهابي»!
يا ترى هل التقرير يلتقي او يتقاطع مع معلومات الجهات الامنية نفسها، ام ان الوسطية اصبحت شكلية الى درجة غض الطرف عن حجم مخاطر الارهاب والغلو في مجتمع يئن من ضحايا بشرية؟
اننا امام وضع لا نحسد عليه، فلدينا حكومة الكترونية، لكن بياناتها متناثرة مشتتة كالفتات، ولدينا مركز وسطية بثوب لا يختلف عما كان عليه منذ انشائه، لأنه ببساطة يعمل بنفس المنهجية والعقلية اللتين سار عليهما المؤسسون بتوزيع التباشير «بخلو الساحة من التطرف والارهاب»، فيما رصدت الجهات الامنية خلال 6 شهور ماضية وجود متطرفين وإرهابيين من مواطنين لا يعرف مصيرهم ان كانوا احياء او امواتا في جبهات القتال باسم الدين!
امام هذه المعطيات هل ما زال معظم القائمين على جهاز الوسطية على قناعة بان «الكويت رائدة في محاربة التطرف»؟ (2017/12/4)؟ هل العلة في رؤيتهم الاحادية للغلو والإرهاب ام ان المركز مغيب بإرادته؟
نكررها للمرة المليون ان الشراكة لا تقوم على من يعمل ضمن محيط وزارة الاوقاف، وإنما تقوم على شراكة حقيقية مع المجتمع بأفراده ومؤسساته المدنية، فالتكرار ليس من باب الشماتة وإنما من باب التذكير بأهمية كسر نزعة الاقصاء للمجتمع، فالضحايا هم اساسا من الشعب الكويتي وأبرياء العالم.
اما عما نقل عن «خطط لتأهيل الدواعش فور سجنهم»، بعد نشر حكم المحكمة الاخير، فالأمر لا يستدعي هذا الاندفاع، فدعوات مركز الوسطية ووزارة الاوقاف كفيلة بالتأهيل مؤقتا الى ان تنجلي حقيقة حجم الغلو والإرهاب!