تصويب العمل السياسي.. ملفٌّ لن يُغلق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
خالد أحمد الطراح
المال والنفوذ كلمتان تحولتا إلى مصطلح شائع ضمن قاموس العمل السياسي في الكويت خلال السنوات الأخيرة بكثافة بسبب تأثر الشأن المحلي بشكل ملموس بهاتين الكلمتين حتى بات الانحراف السياسي واضحاً ككل وليس في البرلماني فقط.
ثمة العديد من المصادر والأسباب التي ساهمت في انحراف العمل السياسي، وأحد هذه المصادر هو الشعب، الذي صمت بعضه على ما تشهده الساحة المحلية أملاً في التغيير، والبعض الآخر فاقد الأمل في التصويب، بينما قدم البعض الآخر مصالح شخصية مقابل مصلحة وطنية، شأنه شأن بعض نواب الأمة الذين دخلوا من بوابة الانتخابات وعبثوا بالنظام الديموقراطي من خلال تبني مشاريع شعبوية تعتمد على دغدغة المشاعر وانتهاز الفرصة في الوقت ذاته لترتيب مصالحهم الذاتية بالدرجة الأولى من خلال المقعد النيابي وكسب الود الحكومي نتيجة ما وصف «برد التحية الحكومية» على حد تعبير أحد الوزراء السابقين نتيجة الاستجوابات الدستورية خلال 2017.
نعم نحن كشعب نتقاسم المسؤولية في الانحراف السياسي حتى لا تجد السلطة الحكومية لها مبرراً في أننا نلقي باللائمة دوماً عليها في التعثر الديموقراطي، لكنَّ مسؤوليتنا تقف عند السكوت على ما آلت إليه الأوضاع والظروف المفزعة سياسياً ونيابياً.
يتقاسم الشعب المسؤولية أيضاً لأن هناك فئة مثقلة بالهموم والاحتياجات وعدم الوعي السياسي أيضاً إلى درجة الرضوخ للمادة التي تأتي حيناً من قوى متنفذة من مصادر ربما رسمية ونيابية أيضاً، فمَن حقق ثروات طائلة نتيجة صفقات سياسية لن يبخل على ناخبي الدائرة وغيرهم من المحتاجين، بينما هناك فئة نيابية أخرى إصلاحية تواجه حروباً وضرباً من فوق الحزام وتحته أيضاً بسبب مواقفها الوطنية المشرفة!
صحيح أن المحاكم برَّأت ساحة من وقع في فخ بيع الضمير مقابل حفنة دنانير أثناء الانتخابات من أصحاب حديثي الثروات، لكنَّ هذا لا يعني عدم توافر مال سياسي وقوى متنفذة تقف وراء بعض هؤلاء النواب بهدف تشويه الديموقراطية، حتى يبدو أن الكويت تتراجع وتتخلف على كل المستويات بسبب الديموقراطية وتحديداً مجلس الأمة والمساءلة الدستورية!
تصويب العمل السياسي يقتضي حواراً وطنياً تشارك فيه ليس القوى السياسية فقط وإنما أيضاً فئات الشعب البسيط الذي يتذكر بالعرفان أن كويت اليوم قامت على تضحيات من الآباء والأجداد حتى ننعم اليوم بنظام دستوري، لكن من الواضح أن مثل هذا الاقتراح لم يحظَ ولن يحظى بتأييد السلطة الحكومية لأسباب لا يسمح بنشرها قانون المطبوعات والنشر المقيد وليس المنظم للحريات!
على الرغم من ذلك فإن الأسباب معروفة عند أهل الكويت والحكومة أيضاً ولا حاجة لاجترارها وإضاعة الوقت في أمور مكشوفة المعالم!
الأهم هو أنه طالما هناك مال سياسي وقوى محترفة في التخريب وتشتيت الاهتمام الشعبي فلن نتمكن من تصويب العمل البرلماني والسياسي ككل، والأمل في ضمائر حية من نواب الأمة وأخرى خارج السلطة التشريعية وأيضاً ضمن السلطة الرسمية.
تكرير الالتزام بالنظام الديموقراطي من قبل الحكومة لا يكفي، فهو بات كلاماً إنشائياً، ونحن بحاجة إلى أفعال تترجم هذا الالتزام من أجل تصويب العمل السياسي وإغلاق ملف يزداد تعقيداً وإنذاراً!
سنتأفف ونتذمر لكن لن نفقد الأمل في مواصلة مسيرة المحافظة على المكتسبات الدستورية كما فعلها في الماضي البعيد شرفاء من هذا الوطن الصغير.