جريدة الجرائد

أغصان إردوغان

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

سمير عطا الله

اعتبر «غصن الزيتون» رمزاً للسلام منذ أيام الإغريق، واتخذته المؤسسات الدولية شعاراً لها وتأكيداً على مهمتها وسبب قيامها. في الأيام الثلاثة الماضية رفعت 32 مقاتلة تركية «غصن الزيتون» لكي تدك 52 موقعاً في سوريا على مساحة 30 كيلومتراً، وأرفقت غصن الزيتون الجوي بغابة من الزيتون البري،

دبابات ومرابض وتعظيم جيوش ومعها 25 ألف مناضل من الجيش الحر الذي يظهر ويغيب حيث تظهر وتغيب أغصان إردوغان.
أرجوك، لا تعوّل كثيراً على تحليلي للسياسة الإردوغانية. لم يعد أحد يعرف أين تحلق وأين تحط. ولكن يخطر لي أن السيد إردوغان ينوي أن يقيم «حزاماً أمنياً» على الحدود مع سوريا، شبيهاً بـ«الحزام الأمني» الذي أقامته إسرائيل في جنوب لبنان. وإذا سألتني عن اعتراضات أميركا، واستنكار إيران، واختباء إيران، وإحالة المسألة إلى الأمم المتحدة «للنظر فيها»، فدعني أُجيبك، كله غصن زيتون. أو بذر زيتون. أو بذر بطيخ لتقطيع الوقت وتقطيع أوصال الأكراد.
لن يبقى لهم، كما قال غسان شربل في افتتاحية الاثنين، «سوى الجبال». ولا نريد أن نزيد على همومهم ومآسيهم، لكن كان أحرى بهم أن يتعظوا قليلاً من التاريخ، خصوصاً تاريخهم. من هي الجبهة التي لم تستغلهم في الصراع العراقي والصراع السوري؟ حتى تركيا الإردوغانية وزعت عليهم المن والسلوى في بعض المراحل. ولا تسل عن المعسول الأميركي، الذي لا تلبث واشنطن أن تغسل به يديها للتبرؤ من كل وعد أو التزام.
لا يستحق الأكراد هذه المأساة الإضافية. أو بالأحرى هذا الفتح الذي تسميه تركيا بكل سخرية «غصن الزيتون». ولكن كان الأفضل أن يترووا طويلاً أمام انزلاقات الشرق الأوسط وزعزعة المواقع القديمة. ستون عاماً من الحلف الأطلسي فإذا تركيا في أحضان روسيا. وإذا الصداقة الكردية الروسية التاريخية على رفوف التاريخ. وحده الموقف الأميركي ثابت في دورانه.
تعلمنا من زماننا ومن مهنتنا، وخصوصاً من منطقتنا، ألا نفاجأ بشيء. أو بأحد، لكنني أقول دائماً، على الأقل احترموا عقولنا بطريقة المخاطبة! 32 طائرة لكي تحمل غصن زيتون؟ و25 ألف «جيش حرّ»؟ ودبابات ومدرعات وما إليها. الحل في يد الأمم المتحدة. إنها تدعو إلى ضبط النفس! «وليي على قامتك..» يقول السوريون في هذه المماحكات.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف