جريدة الجرائد

صناعة الأهواء

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عبدالله الغذامي 

في أصل الإنسان وتركيبته الذهنية والوجدانية أنه مصنع متنقل للآراء ، وله في كل أمر رأي ، وتتسع مهارة صناعة الرأي لدى الإنسان مع تنامي معارفه أو تجاربه أو مع تحديات الظروف ومتطلبات بقائه حتى ليكون الرأي هو العلامة الأولى على الإنسان ، وكما تعرف المرء بوجهه فإنك تعرفه برأيه أيضا ، وليس المرء محتاجا لشهادة ولا حتى لكفاءة خاصة أو عامة لكي ينتج آراءه ، وبما إن الأمر بهذه السهولة فإن السير البشرية تكتنز بالخلافات المتصلة بسبب خاصية إنتاج الآراء ، دون شروط ودون تأهيلات ، ولن تمر حالة بشرية إلا وتلاحقها الآراء مثلما تلاحقها الأبصار والآذان ، وكما أنت تسمع وترى فأنت أيضا تنتج رأيا فيما تسمعه أو تراه ، وهنا تتصادم الآراء البشرية مثلما تتصادم الأجسام في الزحام ، وسترى أن الحياة مزحومة بالخلافات تبعا لانزحامها بالآراء .

من هنا ابتكرت اللغة مصطلح الهوى ، كمقابل لمصطلح الرأي ، وكثيرا ما يصم الشخص خصمه بأنه صاحب هوى ، وهو تعبير يعني أن الطرف الآخر صاحب رأي ولكن هذا الرأي لا يعجبك وحينها سيتم تصنيف القول بأنه هوى ، من أجل سلب معنى الرأي عنه ، ويجري هذا في الحياة العامة كما يجري في الدين والسياسة ،وهما أهم حقلين تتواتر فيهما الآراء والخلافات تبعا لتعدد الرأي ، ثم يجري نفي المثير منها بوصفه بالهوى .

ولعل أهم تشخيص لخاصية الفرق بين الرأي والهوى يأتي من طريقة سلوك منتجيهما ، فالرأي عادة هو التصور الذي لا يحاول صاحبه فرضه ، وكلما حاول صاحب الرأي فرض تصوره فإنه يتحول إلى صاحب هوى، وصاحب الهوى يجرك لرأيك جرا ، ويصر عليك فيه ، في حين إن تحرير الرأي من سلطة الفرض والجبر هو ما تجعل الرأي رأيا وليس هوى يلزمك اتباعه.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف